ترجمات الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة الفرنسية

الدكتور حفناوي بعلي
كلية الآداب والعلوم الإنسانية
جامعة عنابة
الدكتور حفناوي بعلي
كلية الآداب والعلوم الإنسانية
جامعة عنابة
يلاحظ المتتبع لحركة الأدب الجزائري المعاصر، أن هناك اهتماما عالميا بثماره، ولاسيما في الخطاب الروائي. ولم يعد المترجم من الرواية الجزائرية المعاصرة وقفا على لغة أوروبية بعينها.
اتخذ الاهتمام المتزايد بالرواية الجزائرية المكتوبة بالفرنسية، سبيله إلى الدراسة الأكاديمية الموسعة في الجامعات الأوروبية والأمريكية من ناحية، وسبيل الترجمة إلى الانجليزية من ناحية أخرى، فضلا عن الاهتمام المماثل في جامعات شرق أوروبا والصين واليابان، والترجمة إلى لغات هذه البلاد.
ازداد عدد الأقسام المهتمة بالأدب الجزائري بالجامعات الأوروبية والأمريكية والروسية، وازداد مع هذه الأقسام عدد الأساتذة، الذين أطلقوا عليهم اسم المستشرقين. ومع ذلك نشأ نوع من الاهتمام بالأدب السردي الحديث. فنشرت أعمال معينة قليلة، مع أغلبية بارزة للأدباء الجزائريين.
ومع أن المبادرات الفردية كانت وراء ترجمة الرواية الجزائرية المكتوبة بالفرنسية، فقد اتفقت هذه المبادرات – دون تخطيط سابق واضح – على إبراز الجانب السوسيولوجي أو الاجتماعي، من خلال اختيار الأعمال المترجمة، فالمترجمات السابقة لا تحمل قيمة فنية كبيرة في معظمها، وإنما تحمل صورا للحياة الجزائرية والتربية الاجتماعية، في مظاهرها الحديثة، وكلها مظاهر متأثرة بالقيم الغربية، ومعبرة عما سمي "صراع الثقافات"، وهو موضوع أثير في الدراسات الأوروبية المقارنة، أدبية واجتماعية.
وهكذا كله لا ينفي بالطبع حقيقة الإقبال المتزايد في السنوات الأخيرة، على ترجمة أعمال الأدب الجزائري المعاصر ونشرها في أوروبا وأمريكا. ولكن مازالت أغلبية الكتب المترجمة من هذا الأدب، تدور في فلك الطرافة والغرابة، ونتيجة لسيادة مبدأ الطرافة والغرابة في اختيار الروايات المترجمة، نجد المترجمين الغربيين بعيدين، عما نعده نحن أفضل الأعمال والنماذج الروائية من الناحية الفنية.
إلى أي حد يمكن نقل الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة الفرنسية عن طريق الترجمة إلى العربية؟
لقد كانت الموجة الأولى من المترجمين العرب والسوريين واللبنانيين، مدفوعة بعامل دعائي سياسي، وهو مساندة الثورة الجزائرية. نذكر هنا ترجمات كل من سامي الدروبي "ثلاثية محمد ديب"، التي كانت تصدر عن وزارة الثقافة السورية، والتي صدر منها أزيد من عشرين عنوانا.
تميزت هذه الترجمات الجزائرية بحس حماسي، قائم على التركيز على إبراز القضية الجزائرية، قبل الحديث عن الأدب الجزائري، أي الاحتفال بالثورة الجزائرية، أكثر منه الاحتفال بالنص الأدبي. لذلك يمكن طرح السؤال التالي: هل الترجمة كانت للثورة الجزائرية أم للأدب الجزائري؟
إن دراسة سوسيولوجية في العناصر الجمالية المكونة لأغلفة الروايات المترجمة من الأدب الجزائري المكتوب باللغة الفرنسية، والمنشورة في المشرق العربي، تحيل مباشرة إلى مكونات الذهنية المشرقية، التي كانت ترى في الأدب الجزائري رسالة عن الحرب وفقط. وهي رؤية تدل على الخلفية السياسية، القائمة على البعد الاختصاري للترجمة ودورها الحضاري.
إن المقدمات والتعليقات والهوامش الاستهلالية لهذه الترجمات، وحتى الدراسات العربية بشكل عام، ترتكز على نضالية الأدب، أي جانب الرسالة السياسية والأخلاق، في حين يلغى الجانب الجمالي من كل هذه النقاشات والمقاربات. إن هذا الموقف القومي جعلنا نتلمس حالة من الأبوة الأدبية والحس الأخلاقي، الذي يؤطر هذه الترجمات. وهو الأمر الذي جعل المترجم يتصرف بكل حرية في النص الأصلي، لتصل في بعض الترجمات إلى إعادة إبداع. مثلا حالة سامي الدروبي في ترجمته لثلاثية محمد ديب.
تجدر الإشارة إلى أن مالك حداد نال اهتماما كبيرا من المترجمين العرب، ولعل هذا الاهتمام بنقل أعمال مالك حداد إلى اللغة العربية، يندرج ضمن التوجه العام بالأدب الجزائري، والذي ارتبط بالثورة التحريرية. وبالتالي كانت وجها من وجوه مساندة الجزائر في كفاحها ضد المستعمر، ووسيلة من وسائل مساندة الكاتب الجزائري وكتاباته النضالية. ويمكننا أن نقف على هذه الترجمات، التي تصدت للرواية الجزائرية المكتوبة باللغة الفرنسية.
دار "سندباد" "أكت سود" ذاكرة المتوسط والرواية الجزائرية.
تعتبر دار "سندباد" بباريس أول دار فرنسية تهتم بالثقافة العربية، وبالأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية، وتنقل أمهات الكتب العربية إلى الفرنسية في ترجمة أمينة، يقوم بها مختصون في حقل الترجمة. ويظهر الناشر الفرنسي "بيار بيرنارد" صاحب الدار "سندباد"، ليفتح ثغرة في جدار عالم النشر، في خدمة الثقافة العربية في باريس.
قام فعلا بيرنارد سنة 1972 بمغامرة ثقافية وسط أجواء صعبة، في إقامة دار نشر فرنسية، تقدم الثقافة العربية للفرنسيين والفرانكفونيين. فقام بيرنارد بزيارة إلى مصر بعد هزيمة 1967، كما التقى بالأديب المصري "توفيق الحكيم"، وحضر فعاليات ثقافية مصرة أخرى، ودار الحديث طويلا حول فكرة لإقامة دار نشر فرنسية، تنقل الثقافة العربية إلى الفرنسيين ومعها صورة العرب، من خلال تراثهم الثقافي والفكري، حتى يطلع الشعب الفرنسي على الحقيقة، وعلى الوجه الآخر من حياة المجتمع العربي. وقد أسفرت هذه اللقاءات عن ميلاد دار "السندباد"، وكانت اهتماماتها تقريب الثقافة العربية إلى قراء اللغة الفرنسية في فرنسا والعالم، عبر الترجمة التي شملت التراث السردي والخطاب الروائي العربي المعاصر.
وهكذا يعود الفضل إلى لناشر بيار بيرنارد في إخراج الثقافة العربية من دائرة البحث الجامعي والاستشراقي الضيق. وخلال ثلاثين عاما أصدر دار سندباد أكثر من 400 عنوان في حلل متميزة، تحولت إلى علامة مسجلة.
ولدت دار النشر سندباد عقب هزيمة العرب 1967، ثم جاءت مرحلة استقلال الجزائر التي فتحت ثغرة في العلاقات العربية الفرنسية. وقد وجد بيار بيرنارد في هذه المرحلة متنفسا جديدا، يمكن من خلاله تدشين فترة جديدة، خاصة وأن بيرنارد كان متعاطفا مع سياسة ديغول، فيما يتعلق باستقلال الجزائر.
وكانت منشورات بيرنارد تحتل مكانة بارزة في رفوف مكتبات الجزائر التابعة للحكومة، ويقال أن الرئيس الراحل "هواري بومدين"، كان من المناصرين للناشر بيرنارد، ويقال أيضا أنه تحصل على كامل ثمن مبيعات كتبه بالعملة الصعبة بدون أي إشكال.
ولدت دار "سندباد" بترجمتها ومكتبتها العربية، واستطاعت هذه الدار أن تتجاوز في نشاطها إصدار أعمال كلاسيكية، بل امتدت إلى إصدار أعمال معاصرة. ولهذا فإن إنشاء هذه الدار قبل ثلاثين سنة خلت، كان حدثا مهما ومنعطفا أساسيا في عملية ترجمة الأدب العربي، والأدب الجزائري، والدرب الذي شقه بيرنارد، هو الدرب الذي يسير على هداه ناشرون فرنسيون آخرون، مما ضاعف من نقل الأعمال الأدبية العربية إلى الفرنسية، وأغلب النشر اليوم أضحت تتوفر على سلسلة خاصة بالأدب العربي، بفضل دار سندباد ودورها الريادي.
ونعتقد أن بيرنارد كان ناشرا بالمعنى العميق للكلمة، لتوفره على رؤية متماسكة وحس مستقبلي واضح، فهذا الرجل راهن على الأدب العربي خاصة شقه المعاصر، في وقت كان فيه هذا الأدب شبه مجهول في الغرب، وتحديدا في فرنسا. ودوره في التعريف بالأدب العربي والجزائري يشبه الدور الذي لعبه الكاتب الفرنسي "روجي كايو" في التعريف بأدب أمريكا اللاتينية في فرنسا، عبر الترجمة إلى هذه اللغة من الاسبانية إلى الفرنسية. (1).
بعد رحيل بيار بيرنارد، الذي له الفضل أيضا في إنشاء "الصالون الأوروبي العربي للكتاب"، بدأ انطلاقه سنة 1990. ها هي دار نشر "أكت سود" تحل محل سندباد، بعد رحيل مؤسسها، واحتفظت هذه الدار بمعظم السلاسل التي كان ينشرها بيرنارد، كما احتفظت باسم سندباد. وقد أسندت دار أكت سود مهمة منصب مدير النشر إلى الأستاذ فاروق مردم بك، الذي عمل في معهد العالم العربي بباريس، ولا يزال مستشارا في هذا المعهد.
وبالرغم من الجهود التي تبذلها هذه الدار، فإنها لم تستطع بمفردها أن تنهض بعملية ترجمة الأدب العربي، والثقافة العربية إلى اللغة الفرنسية. فهي تنشر حاليا ما يقرب من عشرين عنوانا في السنة، سواء من المترجم إلى العربية مباشرة أو مكتوبا باللغة الفرنسية حول الوطن العربي. وكان من المفروض أن تدخل معها بعض دور النشر الأخرى، لتساهم في الموضوع وتغطي النقص الموجود.
لقد تحولت دار النشر أكت سود من اهتمامها الغالب بأعمال المشارقة، إلى أدباء المغرب العربي. فقد أصدرت ترجمة فرنسية لرواية واسيني الأعرج "نوار اللوز"، وللحبيب السالمي الأديب التونسي "جبل العنز". وكانت دار نشر سندباد قبل وفاة صاحبها، قد أصدرت ترجمة فرنسية لمسرحية الراحل عبد القادر علولة "الاجواد".
ويبدو أن النشر في هذه الدور، يكون الاعتماد فيه على شهرة الكاتب أو الصدفة، أو أن يكون الكاتب مقيما في أوروبا، أو لديه أصدقاء أوروبيون، أي أن القيمة ليست هي المعيار الوحيد. ومع كل ذلك إلا أن هناك عددا محدودا من الكتاب العرب، أصبحوا جزءا من المشهد الثقافي الأوروبي. وهناك كتب آخرون ترجموا لأكثر من لغة، وأصبحت أسماؤهم معروفة، فلو ترجم لكتاب خمسة عناوين مثلا، فإن هذا معناه أن الجمهور بدأ يعرفه، لأن النشر ليس عملية خيرية.
هناك كتاب يبيعون خمسة آلاف نسخة. المطلوب إذن ببساطة دعم تكاليف النشر والترجمة. أحيانا تساعد وزارة الثقافة الفرنسية في دار "أكت سود"، إذا كان الكتاب ضخما، إن هذا يشجع الناشر الفرنسي، بشرط واحد ألا تخسر وليس ضروريا لها أن تكسب (2).
وإلى جانب دار سندباد وأكت سود، هناك دار أخرى تهتم بنشر الأدب الجزائري، والثقافة العربية وترجمتها إلى اللغات الأجنبية، هذه التجربة تخص مؤسسة كاملة هي: المؤسسة ارو روبية للثقافة – ذاكرة المتوسط، التي عنت بنقل الإبداع العربي والجزائري إلى عدة لغات أوروبية، طيلة عشرة سنوات تقريبا، ولكنها مع ذلك لم تحدث الاختراق المرجو. إن المؤسسة الأوروبية للثقافة، مؤسسة تعتني بالثقافة البحر الأبيض المتوسط، وبالتلاقح الحضاري بين شعوبه المختلفة.
هذه المؤسسة التي مقرها أمستردام بهولندا، بعثت عام 1994 برنامجا بعنوان "ذاكرة المتوسط"، دفه ترجمة وطباعة الأدب العربي المعاصر إلى اللغات الأوروبية، بالاشتراك مع دور نشر من هذه البلدان. وهي ترمي من وراء ذلك إلى التعرف على هذا "الآخر" الذي يشاطره الأوروبيين هذا البحر، الذي نشأت على ضفتيه أهم الحضارات التي سادت منذ بداية التاريخ حتى اليوم.
وبرنامج هذه المؤسسة يدعو إلى تعاون وثيق بين المترجمين الأوروبيين من الأدب العربي الحديث، إلى لغاتهم الأصلية ودور نشر في أوطانهم، ترغب في مد حبل التواصل بين الغرب والشرق. لكل هذا انتدبت هذه المؤسسة تسعة مراسلين من تسع دول أوروبية، يمثلون تسع لغات مختلفة هي: الانجليزية والفرنسية والألمانية والايطالية والاسبانية والكاتالانية والهولندية والسويدية والبولونية، لاختيار من اثنين إلى أربعة من النصوص الأدبية الحديثة، لترجمتها إلى اللغات الأوروبية المذكورة.
وتتبنى المؤسسة الأوروبية للثقافة ذاكرة المتوسط، تمويل الترجمة والنشر لهذه الأعمال، وذلك بدفع 60 بالمائة من حقوق الترجمة، و700 دولار أمريكي إلى مؤلف الكتاب، تسبقة عن حقوق التأليف عن كل ترجمة إلى لغة من اللغات المذكورة، على أن تتكفل دار النشر بالباقي.
ويقوم هؤلاء المراسلون، وهم أساتذة في الجامعات الأوروبية في أقسام اللغات العربية والشرقية، بالتعاون فيما بينهم وعرض الكتب التي يرغبون في ترجمتها على بعضهم البعض، في اجتماعات دورية تعقد للغرض في مدرسة المترجمين في طليطلة بإسبانيا. وينسق هذا العمل واحد من المترجمين يقع اختياره لسنة واحدة يسمى: المنسق العام.
وتهتم "ذاكرة المتوسط" خاصة بترجمة النصوص المشاكسة والترجمات الذاتية، والكتب التي تتحدث عن الإرث الحضاري المشترك لسكان البحر المتوسط. وقد قامت هذه المؤسسة الرائدة، وبإمكانيات بسيطة بعمل جبار لفائدة الأدب العربي الحديث، تتمثل في ترجمة ونشر أربعين كتابا بين سنتي 1996 و1999. وهناك مشاريع المؤسسة الأوروبية للثقافة خلال سنتي 1999 – 2000. (3)
غير أنه مما يحز في النفس أن كل هذا المسرد لم يرد اسم أديب مغاربي واحد سوى الكاتب المغربي "عبد الكريم غلاب"، وغاب بقية أدباء هذا المغرب الكبير، من موريطانيا المتاخمة لنهر السينغال إلى ليبيا على حدود نهر النيل.
ونتساءل ما هي أسباب هذا الغياب؟ هل لأن الأدب العربي المنشور في الشرق أبدع، مما هو لدينا هنا في المغرب العربي؟ أم لأسباب أخرى يطول شرحها.
اهتمام المشارقة بهذا الموضوع وتعلقهم به، وتقديم تسهيلات لعقد ندوات للمؤسسات الثقافية المعنية بهذا الأمر. وزيارة المترجمين إلى بلدان الشرق والاحتفاء بهم، وتعريفهم بالجيد من أدبهم. ثم وجود قامات كبيرة في المشرق، لها علاقات وثيقة بهؤلاء المترجمين وهذه المؤسسات.
ومما يزيد في استغرابنا أكثر، لأننا في الجزائر وتونس والمغرب مثلا، نملك كل هذه المواصفات، اهتمام الدولة الكبير بالثقافة، ولا تنقصنا القامات الأدبية التي تطاول أهل المشرق. فأين الخلل إذن؟
إن المتلقي الأوروبي للنص المنقول من لغته الأم، إلى اللغة الفرنسية أو الانجليزية مثلا، لا يعرف إلا النص المعروض بين يديه، وسيكون حكمه على ما يقرأ فقط، لهذا تبدو مهمة المترجم عسيرة، فبواسطته ستصدر الأحكام على الثقافات والآداب الأخرى على قدر إبداعه هو.
ولن نفاجأ مرة أخرى، بعد المفاجأة التي أحدثها نجيب محفوظ بفوزه بجائزة نوبل، حين صاح العالم بصوت واحد: "هل يكتب العرب الرواية؟ " لأن صوتنا لا يصل في الغالب إلى هذا العالم إلا عبر شكلين غربيين: إما مشوها أو رجع صدى لصوت الآخر كما يرانا هو، لا كما نراه نحن بالفعل. (4).
مرجعيات واستشرافات الرواية الجزائرية المكتوبة بالفرنسية:
إن المرجعيات النصية للأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية، مرجعيات تنتمي إلى حقل ثقافي أدبي، غير الحقل الأدبي والثقافي المرتبط مباشرة باللغة الفرنسية. ونعتقد أن البيئة المحلية، وأثر الأدب الأمريكي على هؤلاء الأدباء الجزائريين ظهر جليا في كتاباتهم، أكثر مما ظهر الأثر الفرنسي كما هو شائع.
تأثر محمد ديب إلى حد بعيد بالكاتبة "فرجينا وولف"، ولاسيما بكتابيها "الأمواج، وإلى المنارة"0 وأن وسيلة تيار الوعي لهذه الكاتبة، هي التي تركت صداها العميق في روايته "رقص الملك"، فنرى شخصيات تلك الرواية تثير التساؤلات حول سخافة الحياة، وتتأمل مرور الزمن معبرة عن رغبتها بإيقافه، مثلما تفعل شخصيات رواية "الأمواج"، ورضوان هو الشخص الذي يجسد هذا الموقف، من خلال إثارته ذكرى حياته الماضية، وتساؤلاته حول المستقبل. وقد تعرف ديب قبل تأثره بـوولف على الكتاب الفرنسيين، وكان شعراؤه المفضلون "مالارميه وفاليري"، ومنهما استقى أسلوبا نقيا ميز شعره ورواياته. وهذه المرحلة الثانية من إنتاج محمد ديب الروائي، هي إذن مرحلة يوسع فيها التماثل من الواقع، المبعد من خلال مزج الاصطلاحات الرمزية والأسطورية والواقعية، مشروع شهادته المؤرخة في الثلاثية، إلى مقصد أكثر شمولية وغموض. وفي الوقت ذاته يتمسك البحث الأدبي لمحمد ديب، بشحذ أداة روائية جديدة قادرة على ترقية تعبير متحرر من المتطلبات البلاغية واستغلال الوظيفة الخيالية. وهو المشروع الذي يستمر في "ركض على الضفة المهجورة" في شكل بحث سوريالي، متعمد يخلق ميثولوجية شخصية قوية، تتخذ من خلال الإحاطة بالواقع صيغة ذاتية للغاية، ومنها استئناف وتطوير مشروعه الروائي بعد الاستقلال. يبرز كقطيعة مع المرجعية الاجتماعية التاريخية، وتجريب الأدب في بعده الخيالي الخالص.
والشكل الفني في "نجمة" قريب غاية القرب من الفن التشكيلي، في أحدث مراحله، إذ هي تبدو كلوحة تجريدية، وبالتالي تخلو الرواية من البناء الكلاسيكي في أية صورة من صوره. يجتمع الماضي والحاضر والمستقبل في "نجمة" اجتماعا حيا مشخصا ماثلا، لذلك فهي قد تتشابه مع قصة "الصخب والعنف" لفوكنر، أو قد تتشابه مع "رباعية الإسكندرية" للورانس داريل، من حيث أن لكل شخصية زمانها الخاص ورؤيتها الخاصة، التي أملت على كل من فوكنر وداريل، هذا التجديد في بناء الرواية الحديثة.
تتشابه "نجمة" مع هذه الأعمال في انتساب الزمن إلى التكوين الداخلي للشخصية، تجسد تجربة بدايتها تمتد إلى الماضي السحيق، وتمتد نهايتها إلى المستقبل البعيد. تشكل شخصية "نجمة" البطلة المحورية، فهي ابنة الجميع وعشيقة الكل "هي روح الجزائر الممزقة من البداية، والمهددة بمختلف التوترات والتمزقات الداخلية" كما وصفها كاتب ياسين في بعض تصريحاته. هذه الروح هي الثورة، والثورة هي التجربة، التي امتصت زمانها الخاص على نحو شديد التعقيد من الماضي والحاضر والمستقبل، فهي أشبه بالبناء الموسيقي، كما قال الناشر الفرنسي في طبعتها الأولى.
إن التطور "اللولبي" للأحداث في نجمة، يذكرنا بمبادئ بنية روايات "فوكنر". ولعل هذه المقابلة لم تكن تخطر على بال أحد، لو لم يتحدث كاتب ياسين علنا وصراحة، عن حبه لفوكنر، وجيمس جويس، الذي أثر تأثيرا كبيرا في إبداع فوكنر، وهكذا فإن صلة الروائي الشاب بجويس وفوكنر، سمحت باستنتاجين وهما أن كاتب ياسين، اقتبس البنية الزمنية من فوكنر، وتقنية تيار الوعي من جويس. يلجأ الكاتبان فوكنر وياسين إلى استعمال فقرات طويلة تمتد على عدة صفحات، بدون أية علامة ترقيم. وهناك تشابه يبدو أكثر وضوحا في "ابسالوم .. ابسالوم" لفوكنر، و"نجمة" لياسين، خاصة في مجال العلاقة اللاشرعية التي تنشأ بين بعض الشخصيات. ويظهر عدد من الأطفال غير الشرعيين في الروايتين. نجمة التي يتصارع الرجال ليس فقط على حبها، ولكن على إخضاعها أيضا، وكذلك الحال مع "كيلتمسترا وشقيقتها" في رواية فوكنر. وتشترك الروايتان في الغموض، الذي يكتنف أصل بعض الشخصيات. وهذه حقيقة تطبع جل شخصيات روايات ياسين، فبدون معرفة اسم عائلة الشخص يصعب معرفة أصله. وأن جو كلتا الروايتين يكتنفه غموض المصير، غير أن نجمة لا تحمل الروح الشيطانية الجهنمية، التي تحملها ابسالوم ابسالوم.
وتأثرت "جبار" بالكاتب الأمريكي "دوس باسوس"، فهي مثله تضع أفكار شخصياتها بين علامات تنصيص وأحيانا بين قوسين. ويظهر بوضوح تأثير "د.ه.لورانس" في أسيا جبار، ويبدو أنها بمساعدة كتاباته توصلت الى "اكتشاف الجسد"، والتقى الكاتبان في نقطة اهتمامهما بالعلاقة بين الرجل والمرأة، فقد عالجت "جبار" هذا الموضوع ضمن رواياتها الأولى، مركزة عليه بصورة خاصة في روايتها الأخيرة "القبرات الساذجة". وتركت روايتا "لورانس" – نساء محبات، وعشيق الليدي تشارلي – أثرا كبيرا على أعمال جبار. وكذلك فإن رواية "جوستين" للكاتب "لورانس داريل"، والتي أعجبت بها إعجابا خاصا، تركت علامته على رواية "القبرات الساذجة"، فكلتا الروايتان تنطقان على لسان راو، يتناوب دوره بين الملاحظة الخالصة والمشاركة الايجابية في القصة، كما أنهما تتشابهان نوعا ما أيضا، في موقفهما إزاء المومسات اللواتي يظهرن تعاطفا معهن. ومن ناحية أخرى، فإن كلا من جبار وداريل، يعطيان للمدينة التي تدور فيها أحداث قصتيهما دورا في سير الأحداث؛ فبينما داريل يشخص مدينة الإسكندرية، تحاول ذلك جبار مع مدينة تونس.
ونأتي إلى الكاتبة "مارجريت طاوس عمروش" لنجد أنها تأثرت في كتاباتها بكل من "توماس" و"ج.كونراد، وأميلي برونتي، خاصة روايتها "مرتفعات وذرينج"، غير أن روايتها "الياقوتة السوداء" و "شارع الطبول"، أقرب ما تكونان إلى السيرة الذاتية، وبذلك يصعب اكتشاف مدى التأثر فيهما بالكتاب الأجانب، وعلى أية حال، فإننا نلمس تشابها كبيرا بين عميروش وبين الروائيين السابقين، لاسيما في مجال فن سرد القصة، فكل منهم يملك مقدرة على سرد القصة بطريقة جذابة، جاعلين من القصة البسيطة قصة مشوقة، ومن القصة المعقدة قصة واضحة. وأن عميروش التي اكتسبت الخبرة من بيئتها القبائلية، هذه البيئة المعروفة بتقاليدها العريقة والغنية في الأدب الشعبي، تنعكس على روايتها "شارع الطبول".
وتحتل الحكاية دورا رئيسيا وهاما في رواياتها، نقول إنها قد بلغت النضج في هذا المجال، عند اتصالها واحتكاكها بهؤلاء الكتاب الكبار. وهناك جو درامي، ومسحة من التشاؤم يخيمان على كتابات عميروش، من المحتمل أن تكون قد استمدتها من هاردي، وكونراد، وبرونتي. فهؤلاء الثلاثة معروفون بنظرتهم التشاؤمية إلى الحياة (5).
قبل ظهور الدراسات والبحوث الروسية الأولى عن الأدب الجزائري، كانت الإبداعات الثقافية والفكرية الجزائرية معروفة نسبيا في روسيا، وفي بعض الجمهوريات الأخرى للاتحاد السوفياتي سابقا. وكانت أعمال محمد ديب ومولود فرعون ومولود معمري وكاتب ياسين في متناول القارئ الروسي بفضل حركة الترجمة.
وهكذا مهدت حركة الترجمة والصحافة لظهور اهتمام النقاد الروس بالأدب الجزائري. ويعتبر الكاتب والباحث الروسي "فيكتور باللاشوف" أول من وجه أنظار كوكبة من الباحثين والطلبة نحو هذا الأدب.فقد كتب عدة مقالات عن أعمال الكتاب الجزائريين، مثل مالك حداد ومولود فرعون، وبفضله دخل الأدب الجزائري في الموسوعة الأدبية الموجزة عام 1962. وكان لنشر مقالاته عن الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية في هذه الموسوعة مغزى كبيرا، بالنسبة لأدب فتي كالأدب الجزائري الذي كان يخطو خطواته الأولى بعد نيل الاستقلال الوطني. وبالإضافة إلى ذلك كان فيكتور باللاشوف يلقي في كلية الآداب بجامعة موسكو محاضرات عن الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية.
في نهاية الستينيات بدأت تنشر البحوث الأولى حول تطور الأدب الجزائري واتجاهاته الإيديولوجية وخصائصه الجمالية والفنية. ويلاحظ أن الأدب الجزائري درس خلال هذه الفترة كأدب مستقل قائم بذاته، أو ضمن بحوث متعلقة بتطور الأدب في منطقة المغرب العربي، وفي بعض الأحيان كجزء من السيرورة الأدبية في القارة الإفريقية. وقد اشتهرت في مجال التأسيس للدراسة الشاملة للأدب الجزائري في روسيا ثلاث أسماء معروفة هي: إيران نيكيفورنيا، سفيطلانا براجوغينا، غالينا جوغاشفيلي.
إيرينا نيكوفورنا هي عالمة مختصة في الآداب الإفريقية، تشرف في معهد غوركي للأدب العالمي على توجيه الأبحاث في الأدب المقارن الخاص بالقارة الإفريقية، وقد وضعت عدة دراسات خاصة الأدب الجزائري والمغاربي والإفريقي، نذكر منها "الرواية الجزائرية المعاصرة " موسكو 1967، و"أدب النهضة الوطنية" 1968. وهو يتناول إبداع الأدباء المعاصرين في المغرب والجزائر وتونس، وكتاب "الرواية الإفريقية" عام 1977، الذي أفردت فيه فصلا مطولا لسبل تطور الرواية في إفريقيا الشمالية.
تربط نيكوفورنا ظهور فن الرواية في الجزائر بتصاعد الوعي الوطني في الأربعينيات والستينيات، وتربطه أيضا بظاهرة في التاريخ الأدبي في الجزائر، وتحديدا بنشاط كتاب المقالات المعبرين باللغة الفرنسية، وخاصة مولود فرعون.
تعتبر نيكوفورنا أن الأعمال الأدبية الجزائرية الأولى، اهتمت أصلت بتصوير آداب السلوك، وهو ما طمس شخصية البطل فيهما، وتلاحظ داخل الكتابة عن آداب السلوك منهجين: الأول هو المنهج الواقعي القريب من المدرسة الطبيعية، ويمثله أفضل تمثيل مولود فرعون في عمله "نجل الفقير" و "أيام القبائل". والثاني هو المنهج الرومانسي الذي ينظر إلى العلاقات التقليدية نظرة مثالية، والمتمثل في رواية "الربوة المنسية" لمولود معمري، ورواية "حبة في الرحى" لمالك عوادي.
وفي تحليلها للرواية الجزائرية المعبرة باللغة الفرنسية أثناء الثورة وبعدها، تلاحظ التغيير الجذري الذي حدث في إشكالية هذه الرواية، وفي أدواتها الفنية. وتشير إلى أن الأسماء البارزة في هذه الفترة: مالك حداد وكاتب ياسين ومحمد ديب، عبروا عن عصرهم وموقفهم منه بطرق مختلفة. وتسجل الباحثة انتقال محمد ديب ابتداء من رواية "من يتذكر البحر" إلى رؤية جديدة للعالم وطريقة جديدة في الكتابة. وتقول أنه أصبح ينطلق من مواقف وجودية، ويشهد على ذلك بقوة منفعة بطله الجديد، الذي هو في جوهره وعاء فارغ يعربد فيه باستمرار رعب قاتم، وخلية بسيطة تسجل كابوس وعداوة العالم المبهم.(6)
وتعتبر إيرينا إبداع مالك حداد ظاهرة جديدة في الرواية الواقعية الجزائرية، فأعماله تنقل واقعا جديدا تماما مقارنة بمن سبقه من الكتاب، وهي مكرسة للعالم الداخلي للمثقف، وموضوعها هو الحياة الروحية لشخصية بطل تنطوي على قدرة فائقة، معرضة هجوم القوى الهدامة والمعادية للإنسان. وتشبه إيرينا كاتب ياسين بالنجاح الخافق للأدب الجزائري. وهي إذ تشير إلى كون الفصول الأولى من رواية "نجمة"، مثال لتجسيد مبادئ التصوير الواقعي، إلا أنها تؤكد في الوقت ذاته، أن السرد في بقية فصول الرواية الرومانسية: المبالغة في تفرد الشخصيات، مونولوجات داخلية حول المواضيع نفسها، البنية الدائرية، سير الأحداث بالعودة إلى المشاهد نفسها.
الاسم الثاني البارز من النقاد الروس، الذين اهتموا بدراسة الأدب الجزائري هو "سفيطلانا براجوغينا". فقد اختصت هذه الباحثة في دراسة المواقف الإيديولوجية للكتاب وبقضايا تصنيف الأدب في الجزائر، وفي المغرب العربي بوجه عام. ولها في هذا المجال عدة تآليف منها "أدب بلدان المغرب المعبر بالفرنسية، وتخوم ثقافتين" 1973.
لقد اهتمت الباحثة بإجلاء مواقف الكتاب وعقائدهم الجمالية، وحللت في الأجزاء الخاصة بالأدب الجزائري، مؤلفات رشيد بوجدرة ونبيل فارس، مبرزة الخصوصيات المميزة لتطور الأدب، وكاشفة عن اشتراكه من الناحية التصنيفية بالسيرورة العامة لتطور الأدب العالمي. كما درست الباحثة مغزى توجه الأدباء في الجزائر إلى نموذج السيرة الذاتية في الرواية، وارتباط بحوثهم الفنية بتطور الوعي الوطني وبالتحولات الاجتماعية. وأفردت قسما هاما من كتابها لبحث مفهوم الهوية في إبداع الكتاب المغاربة، وطرق حلهم لصدام الشرق والغرب ولقاء الحضارات.
وعلى أسس التحليل المقارن لمؤلفات معمري وفرعون وديب وحداد وكاتب وبوجدرة، تصل الباحثة إلى النتائج التالية (7)
- استقرار العلاقات التصنيفية، رغم تنوع الأشكال بسبب استعمال لغة واحدة الفرنسية، وتشابه إيديولوجية الكتاب.
- مقارنة الظواهر الجمالية المشتركة، تدل على تشابه تطور نوع رواية السيرة الذاتية في النثر المغاربي.
- تميز تطور المنهج الأدبي بنوع من التركيبية، نتيجة لاستيعاب التيارات والاتجاهات المختلفة في الأدب العالمي.
- إخضاع عناصر الفولكلور الوطني إلى مبادئ الأدلجة.
وخلافا لبعض النقاد الغربيين لا تنظر سفيطلانا إلى الأدب الجزائري كفرع، أو كتنويعة للأدب الفرنسي، لكنها تعتبره حلقة هامة في النقل المتواصل للقيم الثقافية والروحية للبلد، فقد كان هذا الأدب ظاهرة أهلية في العهد الاستعماري، ميزت الانتقال إلى مرحلة الاستقلال، ورغم استعماله للغة الفرنسية، فهو يستند إلى تقليد فني مزدوج: وطني وغربي، ساعده على التبلور كظاهرة أصلية ومتميزة في الأدب العربي.
وتجدر الإشارة إلى إسهام حفيدة ستالين غالينا جوغافيلي الرفيع، في دراسة ونقد الأدب الجزائري المعاصر، وهي باحثة من أصل جيورجي وضعت باللغة الروسية أربع دراسات هي: السحري والواقعي في الرواية الجزائرية المعاصرة 1975.
والرواية الجزائرية ذات التعبير الفرنسي 1980. وقد اهتمت غالينا أكثر من غيرها بجمالية الرواية الجزائرية، وبمشكلة الهوية الوطنية في أعمال الروائيين الجزائريين.
مازالت البحوث الروسية في الأدب الجزائري مستمرة إلى يومنا هذا، وقد اتخذت في الآونة الأخيرة طابع التخصص، والتعمق أكثر في مسائل جوهرية في سيرورة تطور هذا الأدب، مثل: التناسب بين التقليد والتجديد، والتاريخ لهذا الأدب، ودراسته من الناحية التصنيفية ومقارنته بالآداب الأخرى(8).
إن المرجعيات هذه للرواية الجزائرية المكتوبة باللغة الفرنسية، أو على الأصح المنقول إليه، هي مرجعيات مرتبطة في أغلب الأحيان بالذاكرة، وبالطفولة والأمومة. كما أن الحقل الثقافي الأمومي، الذي ينتمي إليه الكتاب الجزائريون باللغة الفرنسية، هو حقل شفوي ورمزي. ففي هذا الحقل تلعب الأم دورا مركزيا، لذلك فالأديب يمارس كتابة لسان أمه، أو عالم اللذين يعدان مركز ثقل في كل إبداع. إن الأديب الجزائري الذي يكتب بالفرنسية، أحب أم أكره، يفكر بلغته الأصلية الأم والطفولة والميثيولوجيا والدين، ويكتب بلغة ثانية لها انتماء آخر ومنطق آخر، أي لغة الإبداع.
ونال عبد الحميد بن هدوقة اهتماما من المترجمين، واختص فيه المترجم الفرنسي "مارسيل بوا"، فترجمه من العربية إلى الفرنسية. كان لقاؤه بالكاتب بن هدوقة، إثر مطالعته لأعماله، فتبين أن ترجمة الرواية تستجيب لرغبة المؤلف، والى انتظار جمهور واسع في الجزائر وخارجها، وأثناء انجاز مارسيل بوا لمهمته، استفاد من وضع ذي امتياز. ففي ثانوية المقراني، التي كان يدرس بها اللغة الفرنسية، كان زملاءه من أساتذة اللغة العربية، وخاصة عبد الله مازوني، يشجعونه ويقدمون له بين الفينة والأخرى توضيحات مفيدة، كما رحب له صدر المؤلف بصفة خاصة، وسمحت لقاءاته العديدة به، أن يكون المترجم شاهدا على وعيه المهني، ودقة بحوثه في مجال اللغة.
بعد أن أنهى ترجمة "ريح الجنوب"، دفع المخطوط لقراءة ثانية إلى نموذجين من القراء المحنكين، قارئ مزدوج وآخر يجهل اللغة العربية، وهذه القراءة المزدوجة، التي دأب المترجم عليها في كل ترجماته، تسمح بتقديم التوضيحات النهائية، سواء فيما يخص الوفاء للغة الأصلية، أو نوعية التعبير في اللغة المنقول إليها.
وبعد أن حظيت ترجمة "ريح الجنوب" بتجاوب ايجابي، حيث صدرت منها إلى حد الآن أربع طبعات في فترات متباعدة، أنهى المترجم "بوا" في أعقاب ذلك ترجمة "نهاية الأمس"، وتبادل الرأي استمرار مع المؤلف، مما سمح له استبعاد بعض الأمور، التي كان يشك فيها، وتمحيص بعض التعابير وإجلاء هذه لجملة أو تلك.
ووعى مارسيل بوا أهمية الترجمة في جزائر اليوم، حيث أن الكاتب مهما كانت اللغة التي يكتب بها، محروم منذ البدء من قيم من قرائه. وهذه الأهمية سبق لعبد الله مازوني أن أشار إليها في كتابه "الثقافة والتعليم في الجزائر وبلدان المغرب". حين كتب متحدثا عن الازدواجية "إن المترجمين يضمنون بحكم وظيفتهم الاتصالات الفكرية الضرورية، بين رجال حكم عليهم بالتفاهم، لكونه قبل كل شيء أبناء أرض واحدة، في غياب ثقافة واحدة تجمعهم للأسف". فالترجمة تسهم في عتق جمهور جزائري أو مغاربي معين، عن طريق مساندته في وعيه بشكل أوسع بتراثه الثقافي. وتحي أيضا تقليدا قديما ونبيلا، تقليد التواصل الثقافي بين ضفتي المتوسط وإفريقيا.
وفي حالة بن هدوقة، فإن رجال الثقافة من مختلف المشارب والآفاق، أدركوا البعد الإنساني العالمي، الذي يمثله إبداعه المتأصل في عمق الأرض المحلية. وتشهد على ذلك ترجمة أعماله إلى لغات عديدة. وهكذا فـ "ريح الجنوب" ترجمت إلى الاسبانية والهولندية والألمانية والبولونية والتشيكية والسلوفانية والروسية والصينية. (9)
ترجمة الرواية الجزائرية المكتوبة بالفرنسية إلى العربية:
إن الثقافة والمخيال المحليان الجزائريان مجهولان لدى المترجم العربي المشرقي، في ترجماته للأدب الجزائري المكتوب باللغة الفرنسية. وكذا الروح الجزائرية المبثوثة في اللغة الشعبية، التي يستند إليها الكاتب من خلال ارتباطه بمجتمعه.
وبالمقارنة بين ترجمة المشارقة لمولود فرعون "ابن الفقير"، ترجمة جورج سالم، التي صدرت عن وزارة الثقافة السورية عام 1962، وترجمة المرحوم حنفي بن عيسى لـ "الدروب الوعرة" الصادرة بالجزائر عام 1976، وكذا بين ترجمة ملكة أبيض عيسى لرواية "نجمة" لكاتب ياسين، وترجمة محمد قوبعة لنفس الرواية. أما الأمين الزاوي، فكانت له تجربة في ترجمة الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة الفرنسية، فترجم نص روائي لمحمد ديب من الفرنسية إلى العربية، ونعني به رواية "هابيل"، الذي نشر بدار الجليل عام 1985. ونجد إبراهيم كيلاني واحدا من الذين كتبوا عن الأدب الجزائري بالفرنسية، يعتبر إدريس الشرايبي جزائريا.
لم يشك أي مترجم أو دارس مشرقي في وطنية هذا الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية، بل إن الأفكار الوطنية التي تضمنتها هذه النصوص، هي التي دفعت إلى مثل هذه الترجمة والعناية بها. ونشير على سبيل المثال هنا إلى الدراسة الوصفية التي قدمها طه حسين عن "الربوة المنسية" لمولود فرعون.
لقد كانت الموجة الأولى من المترجمين العرب من السوريين واللبنانيين، مدفوعة بعامل دعائي سياسي، وهو مساندة الثورة الجزائرية. نذكر هنا ترجمات كل من سامي الدروبي "ثلاثية محمد ديب"، التي كانت تصدر عن وزارة الثقافة السورية، والتي صدر منها أزيد من عشرين عنوانا:
تميزت هذه الترجمات الجزائرية بحس حماسي، قائم على التركيز على إبراز القضية الجزائرية، أكثر منه الاحتفال بالنص الأدبي. لذلك يمكن طرح السؤال التالي: هل الترجمة كانت للثورة الجزائرية أم للأدب الجزائري؟
إن دراسة سوسيولوجية في العناصر الجمالية المكونة لأغلفة الروايات المترجمة من الأدب الجزائري المكتوب باللغة الفرنسية، والمنشور في المشرق العربي، تحيل مباشرة إلى مكونات الذهنية المشرقية، التي كانت ترى في الأدب الجزائري رسالة عن الحرب وفقط. وهي رؤية تدل على الخلفية السياسية القائمة على البعد الاختصاري للترجمة ودورها الحضاري.
إن المقدمات والتعليقات والهوامش الاستهلالية لهذه الترجمات، وحتى الدراسات العربية بشكل عام، ترتكز على نضالية الأدب، أي جانب الرسالة السياسية والأخلاق، في حين يلغى الجانب الجمالي من كل هذه النقاشات والمقاربات. إن هذا الموقف القومي جعلنا نتلمس حالة من الأبوة الأدبية والحس الأخلاقي، الذي يؤطر هذه الترجمات. وهو الأمر الذي جعل المترجم يتصرف بكل حرية في النص الأصلي، لتصل في بعض الترجمات إلى إعادة إبداع. مثلا حالة سامي الدروبي في ترجمته لثلاثية محمد ديب.(10)
تجدر الإشارة إلى أن مالك حداد نال اهتماما كبيرا من المترجمين العرب، ولعل هذا الاهتمام بنقل أعمال مالك حداد إلى اللغة العربية، يندرج ضمن التوجه العام بالأدب الجزائري، والذي ارتبط بالثورة التحريرية. وبالتالي كانت وجها من وجوه مساندة الجزائر في كفاحها ضد المستعمر، ووسيلة من وسائل مساندة الكاتب الجزائري وكتاباته النضالية. ويمكننا أن نقف على هذه الترجمات، التي تصدت لأعمال مالك حداد. فنجد رواية "التلميذ والدرس"، ترجمها سامي الجندي، وصدرت عن دار الطليعة ببيروت عام 1973. ورواية "سأهبك غزالة"، ترجمها التونسي صالح القرمادي، وصدرت عن الدار التونسية عام 1973. ورواية "رصيف الأزهار لا يجيب"، ترجمها أحمد نظير، وصدرت عن دار الاتحاد، بيروت. وترجمة ثاني، ترجمها الجزائري حنفي بن عيسى، وصدرت عن المطبوعات الوطنية الجزائرية عام 1965. ويمكن أن نجري مقارنة بين الترجمتين الأخيرتين لرواية "رصيف الأزهار لا يجيب". ومما يلاحظ بداية على عناوين مالك حداد الروائية منها والشعرية، هو تميزها بلغة يلازمها الطابع الشعري ملازمة واضحة، مثل ديوانه الشعري "الشقاء في خطر"، أو روايته "سأهبك غزالة". وهذا يدل على اهتمام الكاتب بصياغة عناوين أعماله صياغة جديدة، بعيدة كل البعد عن الصيغ الكلاسيكية، وإن كان مالك حداد يشبه في عناوين أعماله مؤلفات كتاب الرواية الجزائرية المكتوبة بالفرنسية.(11)
وإن يفترض في ترجمة العنوان، أن يحرص المترجم على المحافظة على البعد الدلالي والتجريبي، فهل حرص كل من حنفي بن عيسى وأحمد نظير؟
لقد اعتمد مالك حداد في صياغة عنوان روايته على جملة اسمية، ووفق حنفي بن عيسى في نقل دلالة العنوان في النص الأصلي، وذلك من خلال اعتماده على الترجمة الحرفية "رصيف الأزهار لا يجيب"، بحيث كل كلمة في البناء الفرنسي، تقابلها كلمة مماثلة في الصياغة العربية، من خلال المحافظة على الشطرين لبنية العنوان.
أما إذا جئنا لترجمة أحمد نظير، فنجده يكتفي بالشطر الأول من العنوان، ويترجمه "رصيف الأزهار". ويعني هذا أنه قام بحذف الشطر الثاني من العنوان، ظنا منه أن الشطر الأول يكفي لنقل دلالة، أو جمالية العنوان في أصله الفرنسي. وهو بهذا الفعل قد أضر كثيرا بالعنوان، مما أفقده الطول والوظيفة التعيينية المحددة بصيغة النفي. ففي ترجمة أحمد نظير يتساءل القارئ عن هوية رصيف الأزهار، وهي الإجابة المذكورة في الصياغة الفرنسية كنهاية مسبقة للنص، يتعرف عليها القارئ من الوهلة الأولى.
وهكذا تكون ترجمة حنفي بن عيسى مماثلة للصيغة الأصلية للعنوان، مما يدل على أنه كان على علم أن كتابة مالك حداد مهووسة بهاجس التجريب، في كل عناصر بناء النص بداية من العنوان. وما يمكن ملاحظته هو محافظة حنفي بن عيسى على تقسيم الفصول والفقرات، في حين يصل عدد الفصول عند أحمد نظير إلى ستة وعشرين فصلا. ويعني هذا أن المترجم قد لجأ إلى دمج بعض الفصول بعضها ببعض، ولم يحترم نظام الترقيم، وتوزع الفقرات على مساحة النص المصدر. وبهذا تكون ترجمة أحمد نظير للبناء العام للرواية، قد مارست نوعا من الانتهاك، الذي ليس له ما يبرره على مستوى تقنية الترجمة.
هكذا كان يحاول حنفي بن عيسى دائما التركيز على معنى النص، من خلال تشفير العناصر اللسانية، دون الاهتمام الكبير بلغة مالك حداد التي تغيب فيها الحدود بين النثر والشعر، وهو ما يميز فعل الكتابة الروائية عند مالك حداد.
يتبين مما سبق أن ترجمة أحمد نظير كانت أقرب إلى النص المصدر من ترجمة حنفي بن عيسى، ذلك أن أجمد نظير كان يحاول في ترجمته الاقتراب من شعري النص، في حين أن حنفي بن عيسى كثيرا ما كان يتسرع في الأخذ بالدلالة العامة، ولكن هذا لا يمنع من أن يتفوق حنفي بن عيسى في بعض مقاطع ترجمته على أحمد نظير.(12)
ويعود هذا في نظرنا إلى اشتراك حنفي بن عيسى ومالك حداد، في الانتماء إلى المجتمع نفسه، وبالتالي معرفة السياق الحضاري والثقافي الذي أنتج النص.
وجهل هذه الخصائص هو الذي أدى بأحمد نظير إلى تحريف وتشويه بعض الأسماء مثل ترجمة "قسنطينة" إلى "قسطنطينة". وهو هنا مرتبط بما أمدته به ذاكرته التاريخية، فاعتقد أنها تحمل اسم العاصمة البيزنطية، في حين هي "قسنطينة" مدينة من مدن الشرق الجزائري، كما قام بتعريب عبارة "جبل الوحش" ب "جبل أواش". والأصح كما ترجمها حنفي بن عيسى "جبل الوحش"، وهو جبل معروف بمدينة قسنطينة. ومن الأخطاء التي وقع بها أحمد نظير، هو اعتباره شخصية الشيخ عبد الحميد بن باديس من شعراء الجزائر. (13)
وتعود ترجمة الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة الفرنسية في مرحلة ما بعد الاستقلال، أو المرحلة الوطنية، تعود بعوامل أهمها الشهرة الأدبية والإعلامية، التي حققتها بعض الأسماء الجزائرية على المستوى العالمي، وتكون العودة انطلاق من ترجمة روايات رشيد بوجدرة، أي الجيل الثاني من الأدباء الذين يكتبون بالفرنسية، وستلقى أعماله المترجمة رواجا كبيرا في الشرق عند القارئ العربي. سيترجم له "الحلزون العنيد" هشام القروي، و"ألف عام من الحنين" يترجمها له مرزاق بقطاش، ثم يترجم جيلالي خلاص "ضربة شمس"، ثم يترجم له أستاذه صالح القرمادي "التطليق". أما الروائي بوجدرة، فقد ترجم روايتين لنفسه، رواية من الفرنسية إلى العربية "ضربة شمس" والثانية "التفكيك". هذه الترجمات كانت بالنسبة له أول تجربة كتبها بالعربية، وترجمها إلى الفرنسية. هنا لاحظ المؤلف أن النص الأصلي يختلف تماما عن المترجم.
أما المترجم جيلالي خلاص، كانت أول رواية ترجمها لمحمد ديب، ورواية لمولود فرعون "العفيون والعصا". غير أن الترجمة الكبيرة التي نشرت له في كتاب، نتيجة عمل بالغ الصعوبة، كانت مع الكاتب رشيد بوجدرة، حيث ترجم له "طوبوغرافيا" بعنوان "الإراثة". إلا أن المترجم في مثل هذا النوع من النصوص من الرواية الجديدة، التي تدربت عليها اللغة الفرنسية على أسلوبها، يجد نفسه أمام مشكل نقل جملة طويلة، تتوالد فيها مئات الكلمات، لتشكل صفحة أو صفحتين إلى اللغة العربية، مع ضرورة احترام أسلوب المؤلف، واحترام المعنى والقارئ العربي في الوقت نفسه، المهم أن الرواية ترجمت وبيعت عن آخرها.
أما النص الثاني الذي تعامل معه المترجم الكاتب جيلالي خلاص، هو رواية الطاهر جاووت "البحث عن العظام"، واختار هذا العنوان بدل "الباحثون عن العظام"، لدوافع موسيقية تتعلق بخصوصية اللغة العربية. وقد وافق الكاتب الطاهر جاووت على ذلك، مع العلم أن تقاليد الترجمة تسمح للمترجم كما للناشر أن يغير العنوان.
الحق أن الطاهر جاووت لا يبتعد كثيرا عن أسلوب الرواية الجديدة في فرنسا، شأنه في ذلك شأن بوجدرة، إلا أن جملته أقل طولا، حيث لا تتجاوز نصف صفحة من حجم كتاب الجيب، ولهذه الحالة لم تكن "البحث عن العظام" من "الإراثة". لقد أخذت من خلاصي ثلاثة أشهر، وكان ذلك سنة 1990، وقد يكون أجمل ما يحدث مع المترجم معرفته المباشرة بالمؤلف، حتى يتسنى له مناقشة بعض مقتضيات الترجمة.
باستثناء روايته الثانية لم يقترب رشيد ميموني من أسلوب الرواية الجديدة في فرنسا، التي هي محور اهتمام المترجم خلاصي، إذ كان دائما كلاسيكيا خلاف لبوجدرة وجاووت. مع طلك كانت له مع المترجم محاولة لم تكتمل إلى أن خاض معه تجربته الثالثة في الترجمة في "حزام الغولة" (14).
أما المترجم سعيد بوطاجين، فقد بدأ اهتمامه بالترجمة، بعد اطلاعه على ما أنجزه بالعربية ثم بالفرنسية، ليقارن ويعرف ما يحدث بالضبط للنصوص، عندما تنتقل من لغة إلى أخرى، والخطابات من بلد إلى آخر، وأية انزلاقات تقنية يمكن أن تحصل من نص أصلي سابق إلى نص لاحق. طرح بوطاجين في مشروعه الترجمي للرواية الجزائرية المكتوبة باللغة الفرنسية، على مجموعة من المترجمين المهتمين بالموضوع، على اعتبار أن المترجمين في غالب الأحيان، يكون أقرب بكثير من الإخوة المشارقة، الذين ترجموا النصوص الجزائرية، مع التقدير الكامل لما أنجزوه لأنهم أصحاب الفضل في السبق والمبادرة.
بدأت تجربة بوطاجين مع مالك حداد، فترجم له رواية "الانطباع الأخير". وفي نظر المترجم أن حداد وكأنه يكتب بالعربية، وبدا له وكأنه يتحدث بروح المترجم. وقبل أن يشرع هذا الأخير في الترجمة، اتصل بعائلة وأصدقاء المؤلف والكتاب الذي عرفوا حداد وعاشروه عن قرب. في ترجمة لـ "الانطباع الأخير" وجد المترجم كلمات موضوعة بالعربية، يضعها المؤلف على مستوى الحوار، لأن الحوار قد يساعد في بعض الأحيان على التصرف، ويشير في الهامش إلى هذه الكلمة، على أنها لا يمكن أن تنتقل إلى اللغة الفرنسية. منذ ست سنوات اشتغل المترجم سعيد بوطاجين برواية "نجمة" لكاتب ياسين، وجرب ترجمتها لأنها بالنسبة له عمل روائي كبير جدا. وكل من قرأ "نجمة" يقول أنها هالة أدبية. ونص ياسين هذا يحتاج إلى مجهود كبير على مستوى المعنى والأسلوب. وتمكن الصعوبة في ترجمة ونقل بعض المقاطع الوصفية، أو التوقعات الواردة فيه من الفرنسية إلى العربية.
إذن فأن تترجم ترجمة دقيقة لهذا العمل الذي يسمى "نجمة"، يجب أن تكون أنت هو كاتب ياسين، الذي يعرف العربية والفرنسية.(15).
وستتأسس في تونس سلسلة خاصة بترجمة هذا الأدب، تسمى "سلسلة عودة النص"، التي ستهتم بالأدب المغاربي المكتوب بالفرنسية، وسيكون للأدب الجزائري نصيب كبير في هذا المشروع الترجمي: فرعون، كاتب ياسين، أسيا جبار، رشيد بوجدرة، رشيد ميموني.
ما يلاحظ على هذه الترجمات، خاصة ترجمة "التطليق" و "ألفة عام من الحنين"، أنها ترجمات لم تحترم النص الأصلي كاملا. وباستثناء ترجمة مرزاق بقطاش من حيث شمولية النص، إلا أن المترجم حذف بعض الفقرات التي نعتقد أنها تستفز القارئ العربي، غير المتعود على قراءات النصوص الروائية الجريئة.
المصادر والمراجع والهوامش:
- سعدي بزيان: دار نشر فرنسية تهتم بنشر الثقافة العربية، الأحداث، الجزائر، فيفري 2004، ص 21.
- فاروق بردم بيك: الرواية العربية المترجمة للفرنسية، أخبار الأدب، القاهرة، فبراير 2004، ص 7.
- إبراهيم الدرغوثي: حول ترجمة الإبداع العربي إلى اللغات الأخرى، مجلة المترجم، جامع وهران، العدد 5، سبتمبر 2002، ص 28.
- المرجع السابق، ص 31.
- حفناوي بعلي: أثر الأدب الأمريكي في الرواية الجزائرية المكتوبة بالفرنسية، منشورات دار الغرب وهران، الجزائر 2004، ص 247-265
- عبد العزيز بوباكير: الأدب الجزائري في مرآة استشراقية، دار القصبة، الجزائر 2003، ص46.
- المرجع السابق، ص 85
- المرجع السابق، ص 112.
- مارسيل بوا: عبد الحميد بن هدوقة في نظر الآخرين، ترجمة عبد العزيز بوباكير، مجلة اللغة والأدب، جامعة الجزائر، عدد 13، ديسمبر 1998، ص232.
- أمين الزاوي: ترجمة الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية إلى العربية، مجلة المترجم، جامعة وهران، العدد1، ص55.
- حليمة الشيخ: قراءة في ترجمة رواية رصيف الأزهار لا يجيب، مجلة المترجم، جامعة وهران، العدد5، سبتمبر 2002، ص33.
- مالك حداد: رصيف الأزهار لا يجيب، ترجمة حنفي بن عيسى، المطبوعات الوطنية الجزائرية، 1965، ص43.
- مالك حداد: رصيف الأزهار لا يجيب، ترجمة أحمد نظير نشوقي، دار الاتحاد، بيروت، ص 15.
- جيلالي خلاص: ندوة ترجمة الأدب الجزائري، مجلة الثقافة، الجزائر، العدد ما بعد 118، فبراير 2004، ص13.
- سعيد بوطاجين: ندوة ترجمة الأدب الجزائري، مجلة الثقافة، الجزائر، العدد ما بعد 118، فبراير 2004، ص14-15.
للمزيد من الاطلاع أكثر على النصوص الأصلية من الرواية الجزائرية المكتوبة بالفرنسية، ينظر:
- Malek Hadad : le quai aux fleurs ne répond plus, Julliard, paris 1961.
- Kateb Yacine : Nedjma, paris, seuil 1956.
- Mouloud Feraoun : le fils du pauvre, paris, seuil 1952.
- Mouloud Feraoun : la terre et le sang, paris, seuil 1953.
- Mouloud Feraoun : les chemins qui montent, paris, seuil 1975.
- Mouloud Mammeri : la colline oubliée, paris, Plon 1952.
- Mouloud Mammeri : le sommeil du juste, paris, Plon 1965.
- Mouloud Mammeri : l’opium et le bâton, paris, Plon 1965.
- Mohamed Dib : la grande maison, paris, seuil 1953.
- Mohamed Dib : un été africain, paris, seuil 1959.
- Mohamed Dib : qui se souvient de la mer ?, paris, seuil 1964.
- Malek Hadad : je t’offrirai une gazelle, Julliard, paris 1959.
- Malek Hadad : l’élève et la leçon, Julliard, paris 1960.