تحولات الرواية تحولات التاريخ

مخلوف عامر - سعيدة -
لا يمكن أن نفهم حضور التراث الديني في الرواية إذا لم نعرف الظروف التي أحاطت بهذا التوظيف أولا.
مخلوف عامر - سعيدة -
لا يمكن أن نفهم حضور التراث الديني في الرواية إذا لم نعرف الظروف التي أحاطت بهذا التوظيف أولا.
ففي الفترة التي نالت فيها البلاد استقلالها، كان يسود التقاطب بين النظامين الرأسمالي والاشتراكي، ولقد اختارت الجزائر منذ البداية، بل منذ حركة التحرر، الانحياز إلى المعسكر الاشتراكي، فأخذت الأفكار الاشتراكية تتسرب إلى العقول سواء عن طريق الحزب الشيوعي أو حزب الطليعة الاشتراكية الذي أنشئ في جانفي 1966 أو عن طريق الكتابات الاشتراكية وتأثير فئة من المتعاونين العرب أو الأجانب.
وزاد من هذا التأثر ما أعلن – لاحقا – من إصلاحات في عهد الرئيس "هواري بومدين" تمثلت في الثورات الثلاث: الزراعية والصناعية والثقافية.
وقد أدى هذا الوضع الجديد إلى انتقال حزب الطليعة الاشتراكية من نشاط كان في تمام السرية إلى نشاط صف علني في السبعينيات، تجسد من خلال الحزب وأدبياته وفي مقدمتها جريدة "صوت الشعب" بالإضافة إلى ما كان يوزعه من وثائق أخرى موجهة لتكوين المناضلين، كما تجسد من خلال حركة التطوع لصالح الثورة الزراعية واندماج مناضليه في مختلف المنظمان الجماهيرية يومئذ.
وبالمقابل نشطت حركة الإخوان المسلمين مستفيدة من المكانة السياسية لهذا التنظيم وتجربته الطويلة مع النظام المصري وتواجده في سائر البلدان العربية، كما استفادت حركة الإخوان في الجزائر من الإرث الذي خلفته حركة الإصلاح في الجزائر وفي مقدمتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
ونظرا لطبيعة الشعب الجزائري وعلاقته الوثيقة بالإسلام عموما، وبالمذهب المالكي المتشدد خصوصا، فقد وجد هذا التيار أرضية خصبة وسهل للتوغل في أوساط الطلبة وكثير من المتعلمين.
ومما زاد من انتشاره أنه حمل راية تطبيق الشريعة الإسلامية، مما يعني معاداة الإصلاحات التي أعلن عنها باسم الاشتراكية.
وقد استمر هذا العداء بأشكال متعددة كان منها الشكل الأدبي. وبما أن التيار الإسلامي قد اتجه نحو الشعر، فقد وجدنا أن أنصار التيار الاشتراكي هم الذين برزوا أكثر في كتابة الفن القصصي وفي تجريب الكتابة الروائية.
ولعل هذا التمايز يعود أيضا إلى الإرث الإصلاحي الذي جعل من الماضي مقياسا للغربلة والفرز وركز في الشعر على الشكل العمودي مما تسبب في تأخر ظهور حركات التجديد ومنها حركة الشعر "الحر" تحديدا.
لم تشهد الساحة الأدبية حركة نقدية منذ ما قبل حرب التحرير. إذ كانت كل الجهود مركزة على القضية الوطنية وما ينشر من انطباعات نقدية وتعليقات إنما يكون في ضوء قربه أو بعده من النموذج القديم، باستثناء "رمضان حمود" الذي تميز ببعض الانطباعات الجريئة.
ولذلك تميزت هذه الكتابات بالسطحية والظرفية ولم تستفد لا مما كان يجري في الساحة الأدبية والنقدية من مستجدات، ولا مما استجد في الساحة العربية كما عرفنا لدى جماعة الديوان أو أبولو وما تبعها من نشاط نقدي أثارته التوجهات الجديدة في النقد وفي الكتابة الأدبية.
ولقد كان للموقف المحافظ أثره البالغ السلبية في عدم الاستفادة من الثقافة الأجنبية في غياب الترجمة والرحلات نحو العالم الآخر.
وبما أن الدين كان يشكل محورا أساسيا في الصراع، فإننا نجده حاضرا في الكتابة الأدبية بصفة عامة وفي الرواية بصفة خاصة. وربما كان للرواية الحظ الأوفر من هذا الحضور، نظرا لأنها جنس يسمح -بطبيعته- باحتواء الصراع حول الدين وباسمه على نحو أوسع مما تسمح به القصة القصيرة والشعر. أضف إلى ذلك أن الكتاب الذين بدأوا بكتابة القصة القصيرة سرعان ما تحولوا إلى كتابة الرواية بدعوى تستبطن نية الانسياق وراء الموضة ورغبة في تحقيق مكانة أدبية باسم الرواية في كثير من الأحيان.
وكان لنظرية الانعكاس الآلي كما انطبعت في أذهان الكتاب في البداية أثرها في توظيف الدين، وكانت هذه النظرة التبسيطية –بدورها- نابعة من فهم مبتذل للإيديولوجية الماركسية في تفسيرها للظاهرة الأدبية.
ولعل "الطاهر وطار" أن يكون من أبرز من وظفوا الدين في روايات السبعينيات توظيفا إيديولوجيا صارخا.
فالدين لصيق بشخصية طبقية كما مثلها عبد المجيد "بو الارواح" في رواية الزلزال وقد يكون ممثلا لتنظيم سياسي هو حركة الإخوان المسلمين كما هي الحال مع شخصية مصطفى في الكتاب الثاني من "اللاز".
فالدين في حكم "وطار" ليس منفصلا عن الحياة السياسية والاجتماعية وأنه وظف لأغراض سياسية واضحة وهي معاداة الاختيار الاشتراكي.
وهو عندما يستدعي شخصية من التاريخ العربي الإسلامي، فغالبا لأنها تمثل الوجه الآخر للدين أي الوجه الذي ينحاز للفقراء والمعذبين في الأرض. هذا ما يفسر توظيفه "حمدان قرمط" في رواية "عرس بغل" ولا يكتفي بإيراد التسمية، بل يصحح بعض الأفكار الموروثة. إذ حمدان هذا لم يدع "قرمط" لأنه كان يقارب خطوه عند المشي، بل لأنه كان يقارب بين الناس.
إن استحضار شخصية "حمدان قرمط" مقابل شخصية "حسين الشيخ" والمقصود به الشيخ "حسن البنا" مؤسس حركة الإخوان المسلمين، إنما يريد به الكاتب إبراز الوجه الآخر للدين، أي الفهم الذي ينحاز إليه الكاتب وهو التأويل الذي يناصر الفقراء ويثور على الظالمين.
ومصدر هذا التوجه عند "الطاهر وطار" وغيره، هو الاقتناع بوجود بذور اشتراكية في الإسلام وكان هذا الفهم معطى سياسيا قبل أن يصبح ظاهرة أدبية.
والكاتب –هاهنا- لا يعدو كونه يعكس خطابا سياسيا إيديولوجيا، لم يكن السياسيون قد تفطنوا إلى أنه يحمل تناقضا جوهريا في طياته. إذ إن اختيار الاشتراكية منهجا للثورة والتغيير نحو الأفضل، إذ كان يراد به بديلا لتطبيق الشريعة، فإن البحث عن مواصفات اشتراكية في الإسلام كان يهدم الفكرة من أساسها، إذ مادام الإسلام يتوفر على ما ينقذ المجتمع والبشرية جمعاء، فما الحاجة إلى البحث عن حلول خارجه.
كان المستوى السياسي/الإيديولوجي هو السائد في توظيف الدين، وهو الذي يظهر لأول وهلة على سطح الرقعة الروائية. في "صهيل الجسد" لأمين الزاوي، يمثل الوالد العقلية المحافظة، يريد في ممارساته أن يستأثر بكل شيء حتى بزوجة ابنه المهاجر في فرنسا وهو يستعمل الحيل وأساليب الخداع كي يبقى ابنه في الغربة ((هو رجل يحفظ القرآن، يتخذه للأبهة والتميز، ويرسم حول نفسه هالة من الوقار المزيف، يقمع الفلاحين، يتعامل مع المستعمر (بكسر الميم) يدفع بابنه إلى العمل، يستأثر بزوجة ابنه، يكتب له الرسائل ليستبقيه هناك، يستعمل الدين والعاطفة للتأثير، يقتل البقرة ليطيل بقاءه في ديار الغربة))1.
المحافظة ترتبط بالثقافة التقليدية وفي مقدمتها حفظ القرآن واستعماله. وهكذا يتكرر في أعمال روائية كثيرة كما في حال عبد المجيد "بو الارواح" (الزلزال) والحاج المكي في "صهيل الجسد" والحرايري في "زمن النمرود" والأب صاحب القرار في "معركة الزقزاق"...الخ.
تسعى الرواية في أعمال السبعينيات إلى تجسيد الصراع بين التيار الاشتراكي والشيوعي والتيار الإسلامي، ويظهر الدين في سائر الأعمال بوصفه مرتكزا للتيار الإسلامي يؤوله بما يتماشى وأهدافه السياسية.
وتذهب بعض الأعمال ومنها أعمال "الطاهر وطار" إلى نقل الخطاب السياسي الإيديولوجي باستعمال الشعارات الدينية والآيات القرآنية، تماما كما تجري الأمور في الواقع مما يجعلها في كثير من الأحيان عرضة للمباشرة والتقريرية وكأن الرواية في هذه الحالة لا تكسب شرعيتها من أدبيتها، بقدر ما تكسبها بفضل الخطاب السياسي الذي تنحاز إليه. ولذلك قد تصلح في كثير من المواقف وسيلة للدعاية السياسية أكثر مما تصلح للمتعة الفنية، وهذا أيضا ما يجعلها تتشابه سواء في أعمال الأديب الواحد أو بين أعمال كتاب مختلفين. ولقد ظهر هذا التشابه بوضوح كبير في تجربة فترة السبعينيات، فيما عرف يومئذ بـ "أدب الشباب" فهؤلاء كانوا في كثير من الأحيان يتخذون "الطاهر وطار" نموذجا للكتابة الاشتراكية والتقدمية لأنهم فتحوا أعينهم على كتاب يبدو إلى جانب الرئيس "هواري بومدين" أقرب إلى نموذج "ماكسيم جوركي" إلى جانب لينين، وأنهم كانوا يجربون الكتابة الأدبية تحت مظلة الخطاب السياسي الإيديولوجي السائد وليس ذلك الخطاب سوى الخطاب الاشتراكي الذي أصبح يقترن بالوطنية والتضحية من أجل تغيير أوضاع الطبقة الكادحة.
ولا شك أن كثيرين من جيل السبعينيات الذين جربوا كتابة القصة القصيرة ثم الرواية بعدها كانوا قد تأثروا بـ "الطاهر وطار" بوصه الأديب الذي يمثل النموذج أيضا، ففي "صهيل الجسد" لأمين الزاوي يبدو المسار على النحو التالي:
الحاج المكي/ الأب نهايته
علاقة أبوة
وتضاد
الابن في استمراره في
الغربة المستقبل
((والطرف المغيب-هنا- يتمثل في الابن الذي التحق بالثورة بفضل وعي اكتسبه في فرنسا وحاله أشبه بمسمار "زيدان" بطل رواية "اللاز" للطاهر وطار وترمز الظروف إلى نشأة الحزب الشيوعي الجزائري. ولكن على الرغم من كون أبيه "الحاج المكي" مواليا للاستعمار إلا أن سبب إبعاده ابنه يكاد أن ينحصر في الجانب الجنسي. إن الدافع في إبعاد "السي موح" والسعي الدائم من أجل إبقائه في الغربة يبدو أصغر حجما بكثير من المثل التي صار يحملها. ومن ثم ينمو الشعور لدى القارئ/الناقد بأن حدث التحاقه بالثورة يكاد أن يكون مقحما غريبا عن جسد الرواية. خاصة وأن علاقته بالشيوعيين في فرنسا لم تتجسد بوصفها حدثا يصور، بقدر ما قدمت في شكل خبر يعلن عليه)).
فإذا كان الصراع يبدو صراعا بين جيلين، فهو في الوقت نفسه يعكس صراعا طبقيا بين طبقة زائلة ممثلة بالأب وطبقة النمو والحياة والمستقبل ممثلة بالابن.
و"الحاج المكي" هو أيضا صورة أخرى لـ "عبد الحميد بو الارواح" في الزلزال من حيث هو إقطاعي اجتمعت فيه كل الصفات السيئة والأخلاق الدنيئة من ممارسة الجنس بطريقة تأباها كل الأعراف والتقاليد والشرائع، إلى التواطؤ مع الاستعمار بالعكس يكون طريق الابن طريق الاستقامة والثورة والتضحية في سبيل الوطن.
عدد المرات التي وظفت فيها الآيات:
الحج 6 مرات البقرة 01 الناس 01 المعارج 04 الفيل 01 إبراهيم 01 نوح01 |
من خلال هذا الجدول التوضيحي لطريقة توظيف الآيات يمكن أن نستنتج الدلالات التالية:
- تأتي الآية كاملة وقد تأتي ناقصة البداية أو النهاية كما قد توظف في سياق لا علاقة له بالآية الأصلية. وهذا التصرف لا يعني أن الكاتب يجهل النص الكامل للآية ولا وضع علامات التنصيص، وإنما هو يريد أن يعبر عن الحالة النفسية التي يعاني منها بطل الرواية.
حالة القلق التي انتابته من جراء سماعه قضية تأميم الأرض، جعلته مضطربا لا يستطيع أن يتبين حقيقة الأمر ولأنه غائب عن الأرض مدة طويلة. ويستغلها عن بعد لم يعد يعرف مواقف الأقارب والأحباب الذين سيطلب إليهم أن يساعدوه، مما زاده قلقا فلم يبق سلوكه منضبطا، بل بلغ درجة الهذيان. وهكذا تأتي الآيات القرآنية على لسانه مرة مكتملة وأكثر المرات مجتزأة.
فالحالة النفسية المضطربة هي التي تبرر هذا التوظيف المضطرب.
- وللنص المقدس من المرونة التأويلية مايسمح لأي شخص باستعماله باتجاه ما يرمي إليه.
فشخصية "عبد المجيد بو الارواح" بوصفه ممثلا لفئة إقطاعية لا يقف في القران إلا على ما يتوافق مع أغراضه، أو بتعبير آخر إنه عندما ينظر إلى القرآن فإنه بوضعه تحت مجهر طبقي وهو بذلك شاء أم أبى يمارس ضربا من التحريف.
فليس التحريف أن يشوه لفظة أو يحذف من القرآن نصّا بالمفهوم القديم. فهذا لم يعد خطرا مادام النص المقدس معروفا ومحفوظا ومطبوعا ومتواجدا في سائر أنحاء العالم. لكن التحريف بمعناه الحديث قد يأخذ منحى إغفال أسباب النزول الأصلية لإسقاط النص على وضعيات أخرى تبدو مشابهة أو يتعسف المؤوّل في جعلها كذلك سواء أتمّ ذلك بقصد وسبق إصرار أم صدر عن نيّة حسنة في الفهم والتأويل ذلك ما يفسر اختياره الآية.
((يا أيها الناس اتقوا ربكم، إن زلزلة الساعة شيء عظيم، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد)).
ففي تقدير "بو الارواح" الذي هو تقدير الكاتب أيضا. أن الشروع في تطبيق الثورة الزراعية وتطبيق عملية التأميم تحديدا، إنما هو إعلان عن نهايته، بل نهاية الدنيا وقيام القيامة. هذا الإعلان يمثل بالنسبة إليه الإفلاس والخراب التام وهو بدعة شيوعية إلحادية لا سابق لها.
ولذلك فّإنه في الوقت الذي يبحث فيه عن مخرج احتيالي للهروب من التأميم، يسعى أيضا ليجعل من قضيته قضية دينية جماعية وهو بذلك يستغل ثقافته التقليدية ليدافع عن مصالحه وليعبر عن موقف طبقي ظل يمارس تأثيره في الحؤول دون تحقق عملية الإصلاح الزراعي.
- إنه وإن كان الكاتب يصدر عن فهم ماركسي للدين وعلاقته بالممارسات الاجتماعية، إلا أن طريقة توظيفه لا تنبئ عن معاداة واضحة للدين أو استخفاف بالنص المقدس بحيث يصبح أي تهجم ديني على الكاتب انحيازا لأعداء الثورة الزراعية خاصة والاشتراكية عامة.
وفرق بين أن تكون للكاتب قناعات إيديولوجية غير دينية وبين أن يوظف الدين في المتن الروائي وعلى لسان شخصية ما.
- وكما يعبر "عبد المجيد بوالارواح" عن معاداته السافرة للإجراءات الجديدة في الحقل الفلاحي، فإنه يعبر - بالعكس – على انحياز الكاتب بوضوح إلى أنصار الإصلاح الزراعي، إلى درجة أن الكاتب يبدو منساقا مع الخطاب السياسي الرسمي في غياب أي التفاتة نقدية.
وهذا ما يجعل النص الأدبي في نهاية المحصّلة صدى لقراءات فوقية فينجح نحو التقريرية والتسجيل ويفتقر إلى ما يتطلبه الإبداع من عوالم التخييل.
يختلف الأمر عند "رشيد بوجدرة" عندما يوظف النص القرآني، فهو لا يوظفه بطريقة إيديولوجية أو سياسية صارخة، بل يأتي تعبيرا عن حالة قد يصادفها المرء في حياته كشعور غامض أو كسؤال محيّر.
فالآية الوحيدة التي يستعملها في روايته "معركة الزقاق" هي: ((ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهّرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)).
ولا ترد الآية أول مرة كما هي في الأصل ((النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهّرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله)).
وما يبرر هذا الاستعمال أن الكاتب يعبر على لسان طارق الطفل الذي مازال بصدد حفظ القرآن، وهو في موقف التلميذ الطائع يستمع إلى الشيخ يملي عليه الآية فلا يستوعبها أول مرة لأنه لم يحفظها بعد من جهة، ومن جهة ثانية إنه يسمع ويتساءل. وبمجرد ما يقرن الآية بأمه يبدو له معنى الآية غريبا لا يستسيغه لأنه يعرف أمه امرأة طاهرة فيقول في نفسه: ((أمي طاهرة لا هلولة فيها يصفعني، يقول أبي يا ابن الزانـ.. أقول لا هلولة فيها، يصفعني ثانية، أقول لا هلولة فيها رائحة إبطيها تعبق رائحة الورد الممرث طيلة أحقاب ودهور يصفعني يأخذ بي إلى صحن الكتّاب يقول هذه الأمانة على عاتقك لا تحاسبني))
إنه لا يكتفي بالاعتقاد، بل يتعداه إلى الانتقاد. فإذا كانت أمه طاهرة كما يعرفها فلما لا يقربها؟ ولم يكتب آية يشك في صحة دلالاتها؟
ولما يظهر تردده في كتابتها ينهال عليه الشيخ ضربا بالعصا. والشيخ لا يختلف عن والده فكلاهما يمارس التعسف والقهر بعقليته المحافظة.
ولكنه يبقى طفلا متمردا منذ البداية، ينزع نحو تأسيس شخصيته المستقلة ولو تعلق الأمر بالنص المقدس.هكذا يتذكر الآية من حين لآخر، فتطالعنا في الرواية من وضع إلى آخر ولكنها تأتي مصحوبة بتعليقاته التي تؤكد في كل مرة أنه ليس مقتنعا بدلالتها لأن أمه تظل امرأة طاهرة في عينه ولا يمكنه أن يعتبر المحيض أذى.
وما عدى هذه الآية المحددة من سورة البقرة فإن الكاتب يلجأ إلى توظيف اللغة القرآنية بتصرف يقتضيه السياق ومن ذلك قوله: ((هذه الأنظمة الغذائية آتية كلها من شر الناس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس))
((بصح البرد قتلني قالوا لي قر قتلهم جيبولي علبة طباشير صفراء وبهت الذي كفر))
وهو يسطر تحت الآية أو يضعها بين قوسين؟، وتبقى آية المحيض هي وحدها تلاحقه من البداية إلى النهاية، وربما كان غارقا في التفكير بموضوعات أخرى إلى أن تقتحم صورة الشيخ ذاكرته فيستحضر الآية ويستحضر معها صورة أمه الطاهرة. وفي كل مرة يزداد شكا وشراسة لأنه لم يتقبل بسهولة أن توصف أمه بغير الطاهرة يقول: (( بكيت خجلا من حالها ولم تفهم هي معنى تساؤلاتي. هل أنت طاهرة. قل هو أذى. قل هو أذى. قل هو أذى. قال أكتب. قالت أسكت. قلت لا نسيت أصابعي بين الذهول والانبهار والتساؤل الفقهي قلت لك القرار يا شيخنا)).
هناك منذ البداية علاقة بين التساؤلات التي تخطر بباله وبين تردده في كتابة الآية التي يمليها عليه الشيخ. وفي كل مرة تتكرر الآية، تأتيه مصحوبة بتساؤلات جديدة مما يؤكد ظاهرة الوعي المتدرج.
وتتبلور جملة التساؤلات إلى أن تتجسد في موقف واضح تفسر المبررات التي يستند إليها حين يرفض الكتابة فيقول: ((قل هو أذى. إن أمه طاهرة. أطهر من أطهرهن جميعا. أطهر من أطهرهن جميعا. إن أمه عفيفة. أعف من أعفهن جميعا. أعف من أعفهن جميعا. قال هات رجليك)).
لكن توظيف التراث في الرواية الجزائرية لم يبق محصورا في النص القرآني سواء أكان هذا التوظيف يستعمل الآيات كاملة أم ناقصة أم كان يستعملها بتصرف يمليه السياق اللغوي. ولو أن القرآن مازال المرجع الأساسي في البلدان العربية والإسلامية أو بالنسبة للحركات الأصولية في هذه المجتمعات خاصة. "يقول محمد أركون: ((فالقرآن لازال يلعب دور المرجعية الأولى المطلقة في المجتمعات العربية الإسلامية، ولم تحل محله أيّة مرجعية أخر حتى الآن، إنه المرجعية المطلقة التي تحدد للناس ما هو الصح وما هو الخطأ، ما هو الحق وما هو الشرعي وما هو القانوني وما هو القيمة، الخ...))
ولعل رأي "أركون" لا يخلو من التعميم إذ هو يغفل المواثيق والدساتير التي وإن هي حالت على المرجعية القرآنية، إلا أنها لا تخلو من بصمات وضعية فرضتها طبيعة التحولات التي شهدها العالم في العصر الحديث.
لكن الذي يقوله "أركون" ينطبق أكثر على التاريخ العربي الإسلامي القديم. يوم كانت كل التحركات سواء أكانت سياسية أم ثقافية تتخذ بالضرورة طابعا دينيا.
وبالنظر إلى هذه الحقيقة التاريخية فإن الرواية حين تمنح من هذا الموروث فإنها – لاشك – توظف الدين بطرق أخرى تتجاوز مجرد إيراد الآيات القرآنية.
ولذلك عندما يستحضر "الطاهر وطار" شخصية "حمدان قرمط" في روايته "عرس بغل"، فهو يريد أن يبرز المغيّب في التاريخ العربي الإسلامي، وما هذا المغيب سوى الذي يعتبره الكاتب معادلا للتوجه الاشتراكي.
وعندما يحدثنا الكاتب عن أبي در الغفاري والحلاج والسهروردي وابن رشد، فإنما هم يعبرون عن وعي آخر للتاريخ ويعبرون في الوقت نفسه عن الوجه الآخر لفهم الدين وتأويله.
وجوهر التأويل هذا أنه يصدر عن معارضة للسلطة القائمة يومئذ، وكأن خط المعارضة القديم ممتد إلى حاضر المعارضة والسلطة في المجتمع المعاصر.
وما دام المجتمع مفتوحا على تأويلات شتى ومتباينة. فذلك يعني بالبداهة أنها ليست جميعا على صواب، وعلى المرء أن يعي هذا الاختلاف بما يمكنه من الاقتراب من الأسماء الرموز التي اضطهدت لأنها كانت تنحاز إلى صف الفقراء.
ولقد كان للخطاب السياسي الإيديولوجي - في البلدان العربية عموما وفي الجزائر خصوصا – دور حاسم في استثمار التراث ونقله من حقل الصراع السياسي إلى الحقل الأدبي. فكانت الرواية هي الجنس الأدبي الذي وظف التراث أكثر من غيره. لكن عندما يتعلق الأمر بالرواية في الجزائر فإن توظيف التراث الديني لم يتخلص من النبرة السياسية الخطابية وخاصة عند "الطاهر وطار" الذي حرص في كل أعماله - تقريبا – على تجسيد الصراع السياسي الحاصل في الواقع.
فجاءت رواية الزلزال بمثابة إدانة لاستعمال الدين ضد الإصلاحات الجديدة وجاءت بعدها "العشق والموت في زمن الحراشي" لتفضح من يعيق حركة التطوع لصالح الثورة الزراعية باسم الدين ممثلا في شخصية مصطفى الذي يخطب في المسجد ويسعى إلى استخدام العنف جاهدا ليبرز تعارض الاشتراكية مع الإسلام ثم ينتهي إلى استخدام العنف بأن يرش الطالبة المتطوعة بالآسيد (حامض الكبريت) ليشوه وجهها.
خطاب مصطفى، خطاب سياسي في ثوب ديني. والكاتب وهو يدين هذا التوجه إنما يعبر عن انحيازه للخط الاشتراكي ويبارك كل اشتراكات الجديدة.
ولما يتغير الوضع لاحقا، وتظهر الحركة الأصولية إلى العلنية أكثر مما كانت عليه في السبعينيات في ظل حكم الرئيس "هواري بومدين" يواصل "الطاهر وطار" نهجه الأدبي المتمثل في رسم خارطة الصراع السياسي والتي يلعب فيها الطرف الديني دورا أساسيا.
وما يضيفه الكاتب في هذا العمل (الشمعة والدهاليز)أنه يحاول تحديد الفروقات داخل الدائرة الدينية.
فالملثم الثالث: يتهم الأستاذ الشاعر لأنه يرفض التحدث إلى جماعة المسجد بدعوى أنه باحث ومفكر وليس من عامة الناس، ويتهمه الملثم الرابع بأنه معتزلي يعادي المذهب السني وينتصر للحلاج وغيره من الزنادقة أما الملثم السادس: ((فيعتبره واحدا منهم ولو لم يعلن ذلك صراحة ولم يردد معهم في الشوارع (عليها نحيا وعليها نموت وعليها نلقى الله) وهو يقدر فيه جهوده في البحث واتصالاته بمختلف الجامعات ومراسلة الطلبة في سجن الحراش...الخ. لكنه – مع ذلك – متحفظ إلى حد كبير، لأنه وإخوانه لا يفهم لماذا يحجم الإسلام إلى شمعة في دهاليز العصر والإسلام كان ولا يزال نور السماوات والأرض)).
ولم يعد "الطاهر وطار" ذلك الكتاب الذي يصرخ في وجه الإقطاعي عبد المجيد بو الارواح صرخة إيديولوجية تدين وتفضح، ولم يعد ذلك الذي يتهم حركة الإخوان المسلمين من خلال مصطفى كما في "العشق والموت في الزمن الحراشي" فيتخذ بذلك موقفا سياسيا صريحا واضحا، بل وجدناه في "الشمعة والدهاليز" يساوي بين أطراف مختلفة، بين السلطة والحركة الأصولية وحزب فرنسا من خلال الملثمين، مما ينبئ عن نوع المهادنة تصل إلى درجة الحياد والمغازلة.
ويبدو الكاتب ذلك المصور الذي يطل على الواقع من موضع عال لينقل صورة بانورامية تجعله يرصد التحركات المختلفة والمتصاعدة من غير أن يكون جزءا منها أو طرفا فيها.
وهناك ثلاث تهم توجه إلى الأستاذ الشاعر:
الأولى: أنه يتعالى على الجماعة ولا يجالس أعضاءها.
الثانية: أنه زنديق ينحاز إلى أمثال الحلاج.
الثالثة: أنه إنسان يستحق التقدير لجهوده في البحث لولا أن تحجيمه الإسلام يدعو إلى التحفظ.
لكن الذي يغيب في هذه النظرة أنه مهما يكن من تفرعات الحركة الأصولية، إلا أن جوهرها يبقى واحدا. وكأنها في ذلك أشبه بأوتار متعددة ركبت على عود واحد كي تؤدي أغنية واحدة هي النهاية التي ينتهي إليها الأستاذ الشاعر.
وإذا كان الأمر كذلك فإن التمايز داخل التيار الديني/السياسي لا يعدو أن يكون تمايزا مظهريا، إذ لا تختلف فروع الحركة الأصولية في الغاية، بل في الوسيلة إلى بلوغ الغاية، وهنا جذر المشكلة.
على أن هناك ظاهرة لا تغيب في كتابات "وطار" وهي بروز الأنا على نحو تقديري صارخ بحيث يسعى دوما إلى تحديد موقعه في خارطة الصراع حتى ليبدو مناضلا يعبر عن موقفه أو انتمائه أكثر منه مبدعا يخلق عوالم من التخييل ترق فيها الذات وتشف وترتفع بالعمل الأدبي من أرض الواقعية الانعكاسية إلى سماء الخيال المجنح، من فجاجة التصريح إلى متعة التلميح.
وما دام الكاتب حريصا على تفسير الواقع السياسي وربما يدعي أنه التفسير الصحيح، فمن الطبيعي أن يكون للقارئ الناقد موقفه من عمل أدبي يعالج الواقع السياسي وذلك من خلال النهاية التي يريدها للنهاية.
((نهاية الرواية لا ترد العملية الإرهابية إلى جهة محددة ولا تردها – خاصة – إلى الأصولية كما هو سائد، بل إن إطفاء شمعة بالمثقف الوطني الرمز يعود إلى عدة أطراف. وكل هذه الأطراف التي تبدو غير منسجمة ليست سوى تنويعات على وتر واحد. ظاهرها اختلاف وباطنها اتفاق. وهذه الرؤية تشكيك في مصداقية الخطاب السياسي الرسمي ودعوة إلى إدانته. غير أنها تنطوي في الوقت ذاته على نوع من التسوية تخفف من الخطورة الأصولية. وإفرازاتها الفاشلة الدائمة وهذا جوهر ما يجعلها تختلف جذريا عن غيرها )).
فأما "جيلالي خلاص" فيكتب هو الآخر تحت وطأة ما أصاب البلاد منذ أواخر الثمانينيات، حين تعصف بالبلاد عواصف هوجاء وهو يختار هذا العنوان "عواصف جزيرة الطيور"، ومن الواضح منذ البداية ما يثيره العنوان. إذ العواصف ظاهرة مضرة، تصيب الجزيرة وهي لفظة فيها من التلميح إلى الجزائر بشكل واضح. لكنها مضافة إلى الطيور بكل ما تحمله الطيور من معاني الحرية. ثم يتلوه عنوان فرعي في أسفل صفحة الغلاف "المطر والجراد". هكذا يواجهنا منذ البداية بتناقض صارخ بين العواصف والطيور وبين المطر الذي يعني الخير والجراد الذي يُقرن عادة بالجدب والخراب.
ولا يلبث أن يفصح في الكلمة الافتتاحية المنقولة من "تحفة الزائر" عما يشغله في هذا الزمن الموبوء، وفي هذه المنطقة التي لم ترتح بعد من المحن والأهوال والصراعات المتلاحقة.
((أعلم أن هذا الإقليم. منذ دخل حيز العمران، مأوى الفتن وعش الأهوال والمحن، ومنتزه الملوك والثوار ومطمح نظر الكبار والصغار، فما هدأت لأهله روعة ولا طابت لأهله فيه هجعة ولا خيم بساحته أمن، ولا فارقه الروع والوهن ولا خلا منه زمان من قراع الكتائب ومفاجأة المصائب والنوائب. ومع هذا ترى مساجده ومدارسه بالعباد والعلماء عامرة، ومجالسه بالأذكار وأنواع العلوم زاهرة)).
النظام الذي أدى بالبلاد إلى هذا الوضع يسميه الكاتب المشيخة. هذه التسمية ذاتها تشير إلى طبيعة المحافظة. وعندما يصور حوادث أكتوبر 1988 ويتحدث عن الشيخ الأكبر، نفهم مباشرة الشخص المقصود يومئذ، والذي ابتدع نظاما جديدا باسم الديمقراطية ليفتح الباب على مصراعيه لمزيد من التناحرات لأن المشيخة من طبيعتها ألا تكون ديمقراطية وإن هي حرصت على الإيهام بالديمقراطية.
والكاتب يعلن ذلك صراحة حين يقول وقد قرأ في جريدة التشيّخ التي نشرت خبرا يتحدث عن اكتشاف أربع جثث:
((فإذا الشيخ الأكبر يقول في رزانة غير معهودة: "أنا أعرف أن الشعب يطلب "دمو في رأسي") ومرة أخرى تتغير وضعية الوجه.. الكاميرا ترتعد لثوان ثم تعيد إلينا وجه الشيخ الأكبر وقد عاوده "الجلال" قائلا: (أجل ديموكراسي أي ديمقراطية. نعم ديمقراطية.. أنتم تطلبون الديمقراطية الديمقراطية)).
وفي الرواية التي تليها "الحب في المناطق المحرمة" ينتهج الطريق نفسه وذلك بان يختار هذا العنوان المعبر عن الصراع.
الحب بكل ما يحمل من معان إنسانية نبيلة، لكنه في مناطق محرمة. إذ البطل الكاتب يعاني من حصار شديد فرضته ظروف العنف الدموي في التسعينيات فلا يجد من ملجأ سوى الكتابة في الخفاء. ولكنه لا يتوقف عن الكتابة، كما لا يكف عن الحب ولو كانت المناطق محرمة. وهو يضيف مرة أخرى العنوان الفرعي، "المطر والجراد" زمن الخير وزمن الخراب. وهو لم يعد يعيش مع زوجته وأبنائه. أصبحت تحاصره الغربة بكل معانيها وهو في وطنه فلا يجد أصدق تعبيرا من قول المتنبي فيختاره افتتاحية للرواية.
في هذا العمل ينتقل الكاتب مباشرة الى تصوير ما يجري في الجبل. ينقل إلينا الممارسات التي عاشها في الجبل حيث سجن رجال ونساء من قبل الجماعة الإسلامية وتلقوا عذابات مهينة وها هو يتحدث على لسان امرأة بعدما صرخ أميرهم ((انهضوا واجتمعوا فورا في ساحة المعسكر)).
ورغم أني كنت قد استيقظت مع تباشير الفجر الأولى، شهقت دعرا، كمل لو أني كنت نائمة وأيقظني تدفق ماء بارد على وجهي. فجأة اقتحم أحد جنود الأمير الخيمة وأخذ يضرب بعنف غطاء طنجرة نحاسي على أخمص بندقيته المحشوشة" المقطوعة المأسورة)).
من خلال الذات الغريبة التي هي ذات الكاتب، نشهد معه ممارسات فظيعة تنسب مباشرة إلى الحركة الأصولية، وما هي في المحصلة إلا نتيجة استعمال الدين وموقف الكاتب من التراث الديني، ولكنها ليست إدانة للدين في ذاته، بقدر ما هي إدانة للإسلام السياسي وإدانة للخط الذي انتهجه نظام المشيخة الذي تنكر للثورة والشهداء.
وما كان للرواية الجزائرية في التسعينيات لتنجو من أثر ما وصف بالإرهاب. ومما يلاحظ على الكتابة الروائية في هذه الفترة أنها تميزت دوما بتصوير حالة المثقف الذي لم يرحمه النظام الحاكم ولم ترحمه الحركة الأصولية أيضا.
ومن هنا معاناة المثقف وإحساسه بالغربة القاتلة. وهذا ما يفسر أيضا أنهم من قتل ومنهم من هجر.
والروائي "واسيني الأعرج" - بدوره – يتعرض لهذه الظاهرة حين كتب روايته "سيدة المقام" وفي "رمل الماية" وغيرهما.علما بأن الروايات التي نالت حضا من النجاح الفني هي التي كتبها أولئك الذين نشأوا في فترة السبعينيات بميل مجموعة من الصحفيين إلى تجريب الكتابة الروائية فانطبعت محاولتهم – في الغالب – بنزعة واقعية هي أقرب إلى التحقيقات منها إلى الإبداع التخييلي أولا، ونلاحظ فيها نزعة صريحة إلى التعبير عن الذات الكاتبة سعيا من الكتاب إلى التخفيف من حدة البوح الإيديولوجي الذي طالما عُدّ انتصارا للمضمون على حساب البناء الفني ثانيا، وانجرّ عن ذلك، ثالثا، حرص على تجسيد محنة الكاتب / المثقف منشطرا بين نار السلطة وجحيم الإرهاب، ثم رابعا وأخيرا، صار التوجه الديني لصيقا بممارسة العنف ومعاداة المرأة والفن وكل ما له صلة بأسباب الحياة.
تلكم مظاهر لا تخلو منها روايات عديدة منها: المراسم والجنائز لـ "بشير مفتي" أو "يصحو الحرير" و"الرعشة" لـ "أمين الزاوي" أو "بوح الرجل القادم من الظلام" و "بحثا عن أمال الغبريني" لـ "إبراهيم سعدي" أو "تلك المحبة" لـ "الحبيب السائح" أو "عابر سرير" لـ "أحلام مستغانمي"...
أ - المصادر:
- عبد الحميد بن هدوقة، نهاية الأمس، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1975
-ريح الجنوب، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، ط3، الجزائر، 1976
- الجازية والدراويش، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر 1985
- رشيد بوجدرة، التفكك الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر
- معركة الزقاق، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر
- تيميمون، دار الاجتهاد، الجزائر.
- الحبيب السائح، زمن النمرود، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1985
- تلك المحبة، منشورات ANEP
- جيلالي خلاص، عواصف جزيرة الطيور، منشورات مارينور، الجزائر 1998.
- الحب في المناطق المحرمة، دار الجديد للنشر والتوزيع، ردمك، الجزائر، 2000.
- محمد أمين الزاوي، صهيل الجسد، دار الوثبة، دمشق، 1985.
- يصحو الحرير، أمين الزاوي، سلسلة عتبات، دار الغرب للنشر والتوزيع، ط 1، مارس 2002.
- إبراهيم سعدي، بوح الرجل القادم من الظلام، منشورات الاختلاف، ط1، 2002.
- فتاوى زمن الموت، منشورات التبيين، الجاحظية، الجزائر، 1999.
- بحثا عن أمال الغبريني، منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين، 2004.
- مفتي بشير، المراسم والجنائز، منشورات الاختلاف، الجزائر، 1998.
- واسيني الأعرج، سيدة المقام، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، وحدة الرغاية، الجزائر، 1999.
- أحلام مستغانمي، عابر سرير، منشورات أحلام مستغانمي، ط2، بيروت، لبنان، 2003.
- الطاهر وطار، اللاز، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، ط1، 1970.
- الزلزال، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، ط1، 1976.
- العشق والموت في الزمن الحراشي، (اللاز الكتاب الثاني)، دار ابن رشد، ط1، 1980.
- الشمعة والدهاليز، منشورات التبيين، الجاحظية، الجزائر، 1995.
- الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي، منشورات التبيين، الجاحظية، الجزائر، 1999.
ب – مراجع باللغة العربية ومترجمة إلى العربية:
- أركون محمد، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل، نحو تاريخ آخر للفكر الإسلامي، دار الساقي، ط1، 1999. ترجمة وتعليق هاشم صالح.
- بلحسن عمار، الإيديولوجية الوطنية والرواية الوطنية في الجزائر 1930-1962، دراسة سوسيولوجية لحالة الرواية الثلاثية للكاتب "محمد ديب" رسالة ماجستير، مدير البحث "د.عبد الفتاح الزبن"، جامعة وهران، قسم علم الاجتماع، أفريل 1982. (النسخة المعتمدة غير منشورة).
- عبد الحميد بورايو، البطل المحمي والبطلة الضحية في الأدب الشفوي الجزائري "دراسات حول خطاب المرويات الشفوية الأداء، الشكل، الدلالة"، ديوان المطبوعات الجامعية، 1998.
- بويجرة بشير محمد، بنية الزمن في الخطاب الروائي الجزائري (1970-1986)، "جماليات وإشكاليات الإبداع"، ج2، ط2، 2002، 2001، دار الغرب للنشر والتوزيع.
- جغلول عبد القادر، تاريخ الجزائر الحديث، دراسة سوسيولوجية، ترجمة فيصل عباس، مراجعة د.خليل أحمد خليل، ط1، 1981، دار الحداثة.
- جماعة من المؤلفين، البنيوية التكوينية والنقد الأدبي، مؤسسة الأبحاث العربية، راجع ترجمة "محمد سبيلا"، ط1، 1984.
- جماعة من المؤلفين، دراسات لغوية في ضوء الماركسية، نقلها إلى العربية "د.ميشال عاصي"، دار ابن خلدون، ط1، نوفمبر 1979.
- جماعة من المؤلفين، الماركسية والتراث العربي الإسلامي، مناقشة لأعمال حسين مروة والطيب تيزيني، دار الحداثة، ط2، 1982.
- حرب على مداخلات دار التراث، ط1، 1985.
- حمودي باسم عبد الحميد، التراث الشعبي والرواية العربية الحديثة، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد 1998.
- الخطيب محمد كامل، الرواية والواقع، دار الحداثة، ط1، 1981.
- ركيبي عبد الله خليفة، تطور النثر الجزائري الحديث، 1830-1974، الدار العربية للكتاب، ليبيا، تونس، 1987.
- سعد الله أبو القاسم، دراسات في الأدب الجزائري الحديث، دار الآداب، ط2، 1977.
- تاريخ الجزائر الثقافي من القرن العاشر إلى الرابع عشر هجري من 16 إلى 20 ميلادي، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر 1981، ج1و2.
- السعيد رفعت، حسن البنا، مؤسس حركة الإخوان المسلمين، متى؟ كيف؟ ولماذا، دار الطليعة بيروت، ط2، أوت 1979.
- سويرتي محمد، النقد البنيوي والنص الروائي، إفريقيا الشرق، 1991.
- العالم محمد أمين، ملاحظات حول نظرية الأدب وعلاقتها بالثورة الاجتماعية، وزارة التعليم العالي، الشركة الوطنية "الشعب الصحافة".
- الثقافة والثورة، دار الأدب، بيروت، ط1، أكتوبر 1970.
- البحث عن أوربا، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، أيار 1975.
العيد يمنى، ممارسات في النقد الأدبي، دار الفارابي، بيروت، لبنان، نيسان 1975.
- الدلالة الاجتماعية لحركة الأدب الرومنطيقي في لبنان بين الحربين العالميتين، دار الفارابي، بيروت، 1979 .
- في معرفة النصّ، منشورات دار الآفاق الجديدة، ط1، 1983.
- مخلوف عامر، تجارب قصيرة وقضايا كبيرة، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1984.
- الرواية والتحولات في الجزائر، منشورات اتحاد كتاب العرب، دمشق 2000.
- مديني أحمد، فن القصة القصيرة بالمغرب، في النشأة والتطور والاتجاهات دار العودة، بيروت لبنان.
- مرتاض عبد المالك، نهضة الأدب العربي المعاصر في الجزائر 1925-1954، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، ط2، 1983.
- الثقافة العربية في الجزائر بين التأثير والتأثر، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1981.
- فنون النثر الأدبي في الجزائر 1931-1954، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر ط1، 1983.
- مروة حسين، دراسات نقدية في ضوء المنهج الواقعي، دار الفارابي، بيروت، لبنان، ط2، 1976.
- النزاعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية، ج1، دار الفارابي، بيروت، 1987.
- مصايف محمد، الرواية العربية الجزائرية الحديثة، الدار العربية للكتاب، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، 1983.
- واسيني الأعرج، اتجاهات الرواية العربية في الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1986.
- يقطين سعيد، انفتاح النص الروائي - النص السياق، المركز الثقافي العربي،ط1، 1989.
- الرواية والتراث السردي، المركز الثقافي العربي، ط1، أب (أغسطس) 1992.
الرواية والتحولات، ص45.
سورة الحج الآية 1.2
سورة البقرة الآية 220.
الرواية ص 46
الرواية ص 46.
الرواية ص 29.
نفسه ص 78.
نفسه ص 83.
نفسه ص 97.
أركون محمد، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل، ترجمة وتعليق هشام صالح، دار الساقي، ط1، 1999، ص23.
الرواية والتحولات، ص98.
الرواية والتحولات ص 18.
خلاص جيلالي، عواصف جزيرة الطيور، منشورات مارينور، ط1، 1998، ص7.
عواصف جزيرة الطيور، ص18
جيلالي خلاص، الحب في المناطق المحرمة، دار الجديد، 2000، ص 11
نفسه، ص 11.