القارئ وإنتاج النص رواية "قسم البرابرة " نموذجا

الدكتور: ابراهيم سعدي - جامعة تيزي وزو-
تسعى هذه الدراسة إلى محاولة تبيان أن تأثير القارئ لا يتوقف في الحقيقة عند حدود فعل القراءة وما يتبعها من فعاليات، بل إن دوره سابق على وجود النص ويواكب إنتاجه و خلقه. وبالتالي فإن عمل القارئ لا يأتي بعد النص فقط، كما تركز على ذلك نظريات التلقي، بل قبله أيضا. وهذا ما نحاول توضيحه، متخذين رواية بوعلام صنصال "قسم البرابرة" نموذجا.
"قسم البرابرة" صدرت الرواية "قسم البرابرة" Serment des barbares لبوعلام صنصال عام 1999، وهي سنة كان فيها العنف قد بلغ أشده في الجزائر. والرواية وثيقة الصلة بهذه المرحلة، لكن الجانب التاريخي المتصل بثورة التحرير يتخللها من بدايتها إلى نهايتها، ولذلك كانت الرواية، في بعد من أبعادها الأساسية، محاكمة لحرب التحرير. وتأسس بنية النص، الشبيهة من حيث الحبكة والعقدة بالرواية البوليسية، حول وقائع تدور في مدينة رويبة حيث يقوم "العربي"، وهو مفتش شارك في حرب التحرير ومشرف على التقاعد، بالتحقيق بشأن اغتيال مهاجر عجوز يعود إلى أرض الوطن للاعتناء بالجبانة المسيحية الموجودة في المدينة والتي تحتضن أيضا قبورا لأفراد من عائلة "فيلاتا" التي كان المهاجر المقتول، عبد الله باكور، عاملا في مزارعها أثناء الاستعمار، قبل أن يلتحق بعد الاستقلال بهذه العائلة، في تولوز ويعمل في أراضيها هناك. وقد وري المهاجر عبد الله باكور التراب في نفس المقبرة وأيضا في نفس اليوم الذي دفن فيه سي موح وهو تاجر مشبوه وفاحش الثراء قام بتمويل حركات أعمال إرهابية. وبالرغم من أن المفتش "العربي"، المجاهد في صفوف جيش التحرير سابقا والذي وقع الأسر أثناء تلك الفترة، لم يكلف سوى بالتحقيق في مقتل المهاجر عبد الله باكور، فإنه سيكتشف تدريجيا وجود علاقة بين الجريمتين، تحيل إلى صراعات قديمة بين الجزائريين أثناء الثورة. تأثيرا القارئ المرسل إليه:
نعني بالقارئ المرسل إليه ذلك القارئ الذي يشكل النص خطابا موجها إليه بالنظر إلى مشاطرة النص إياه نظرته إلى الأمور ومراعاته لحساسيته وردود أفعاله. إنه ذلك الذي كان في ذهن المؤلف وهو ينجز عمله.
يقول أ. إيكو "أن يكون المرء نصا يعني أن يضع حيز الفعل استراتيجية ناجزة تأخذ في اعتبارها توقعات حركات الآخر- شأن كل استرتيجية."1 ولا يفرق إيكو هنا بين استراتيجية القائد العسكري واستراتيجية الكاتب إزاء القارئ سوى في "أن المؤلف، بعامة، يسعى في كتابه إلى أن يجعل الخصم رابحا، لا خاسرا"2. وبما أن الأمر كذلك فهذا يقتضي تحول القارئ نفسه إلى "نص" والكاتب إلى قارئ له حتى تتم عملية إدراك "أفق انتظاره" لتحديد استراتيجية إلى كسب رضاه أو جعله رابحا إذا ما شئنا استعمال تعبير أ. إيكوا؟ نستطيع التعرف عليه من خلال أحكام القيمة المضمرة في السرد ومن خلال وجهات النظر المهيمنة في النص. يمكن أن نستبدل عليه، مثلا، من خلال ظروف أسر "العربي" أثناء حرب التحرير. فلقد أصيب "العربي" بجروح في معركة اضطر فيها المجاهدون إلى الانسحاب، فتركوا رفيقهم المصاب على الأرض وجعلوا يغطونه بالحجارة والأغصان وانسحبوا، تاركين إياه في المكان، وراءهم. يقول الكاتب عنه: "عانى أشد رعب في حياته. لقد أدرك بأنهم دفنوه حيا وبأن مستقبله هو الموت في الأهوال"3. حينما وصل الفرنسيون إلى المكان اكتشفوا "القبر" و"العربي" الذي دفن فيه حيا، فنزعوا عنه الحجارة والأغصان. وهكذا وقع "العربي" الذي سيصير مفتشا بعد الاستقلال، أسيرا بين أيدي الفرنسيين بطريقة تشبه الخلاص والإنقاذ من الموت المؤكد والمروع نتيجة "فعلة" إخوانه في الكفاح.
و ع التجريب في الرواية العربية الحديثة، وسأحاول إبراز إشكالية اصطلاحية، تتعلق أساسا، بالتجريب من مفهومه الابستمولوجي، وكيفية تحوله إلى جمالية الكتابة الروائية، ونشير في هذا الإطار إلى أن مفردة مصطلح التجريب ترتبط تاريخيا، بتحولات البنية المعرفية، والجمالية في سياق نسق الثقافة الغربية ومركزيتها بخطاب الحداثة، وما يحمله هذا الخطاب من حمولات تاريخية وفلسفية وحضارية.
... أما عن التجريب في الرواية العربية الحديثة، فقد جاء هذا المصطلح مختلفا من ناحية الأصل، والشكل، وذلك يعود إلى عدة معطيات، بحكم المفارقة الزمنية والسياسية والحضارية، فالرواية العربية الحديثة في تأسيسها الجمالي الحديث، جاءت متأخرة، مقارنة بالرواية الغربية، وهذا ما يجرنا "إلى اعتماد مبدأ المقايسة، بينها، والسرديات الغربية الحديثة، ويبدو واضحا أنه لم يول اهتمام جاد، ودقيق، وموضوعي، للبحث في المهاد الثقافي الذي أدت تفاعلاته المتنوعة إلى مخاض صعب، ومعقد، تبلورت ملامحة خلال عشرات السنين، ليكون ممارسة سردية دائمة التطور، والتجدد في هذا الشكل السردي الجديد للرواية"(1).
وعلى هذا الأساس، قسمنا المداخلة إلى محورين أساسين:
المحور الأول: نركز فيه على مفهوم التجريب في بنية الثقافة الغربية، وتفاعلاته مع الشكل الروائي.
المحور الثاني: نبين من خلاله تصورات حول التجريب في الرواية العربية.
مفهوم التجريب في بنية الثقافة الغربية، وتفاعلاته مع الشكل الروائي
1/1: مفهوم التجريب:
يرتبط مفهوم التجريب، جوهريا، بخطاب الحداثة، على يؤكد على معرفة العينية، والمباشرة، واستعمال القدرات العقلية، وإخضاعها لمنطق التجربة الحسية، للكشف عن القوانين، والفرضيات المادية المستخلصة من لدن الوعي بالموضوع، والواقع الموضوعي، الذي، تفرزه الظاهرة المدروسة سواء أكانت إنسانية اجتماعية أو طبيعية مادية، والحكم عليها من خلال نسبيتها الزمنية.
... وترسخ مفهوم التجريب، مع ظهور الاكتشافات العلمية والفلكية والفيزيائية، والبيولوجية التي عرفتها أوروبا، ويمكن رصد مفهوم التجريب في بنية الثقافة الغربية من خلال مكونين أساسين:
• مكون خطاب فلسفة الأنوار، والدعة إلى التحرير العقلي من المعتقدات، وتراكماتها التاريخية والغيبية والأسطورية، وتجاوز الماضوية، وإحداث القطيعة الإبستمولوجية للمعرفة القديمة.
• مكون ثورة العلوم التجريبية، وخطابها العلمي، اتجاه الطبيعة والإنسان والوجود، وإيمانها بقدرة العلم وقوانينه الصارمة في دراسة الظواهر عن قرب، وملامسة حقيقتها في واقعها الماضوي.
والتجريب "إننا نمارسه عندما نفرض المعاني والأحكام عندما نقيم الناس والأوضاع، وعندما ندرس الأفعال وأساليب التصرف، في مسار هذه الخبرات العقلية نكتشف أننا بشر ذوو حاجات ومشاكل، والبعض منها لا ينبع مباشرة من وجودنا المادي، ونحتاج إلى توصيفات ملائمة، بعدئذ نبدأ بتطوير تلك الصور المفاهيمية الماوراء طبيعية والاصطناعية للغاية، كالشعور، والخيال، والفكر، والشك، والأمل، والزيف، واليوتوبيا، والنظرية والأسطورة"(1).
وبهذا المعنى، فالتجريب هو قدرة الممارسة العقلية في احتكاكها وتفاعلها المباشر مع التجربة المتاحة التي تنتجها علاقة الذات بالموضوع، والتجريب المكون المنشأ لفعل الظاهرة المدركة، يحقق التصور المدرك، لنمط المفهوم المعلن في سياق العملية التجريبية والتي بدورها تفرز الخطاب المسند إليه.
1/2 : السياق:
تطور التجريب من مفردة لغوية إلى مفردة سياقية عاكسا بذلك تحولات تاريخية وسياسية وثقافية أدبية- روائية.
1/3: السياق التاريخي:
عرف الغرب الحداثي، تأزما تاريخيا، بظهور ظاهرة الحروب المدمرة التي أتت على الأخضر واليابس، فكانت الحرب العالمية الثانية، مخيبة لآمال خطاب الحداثة، ومشروعه التنويري الإنساني، وذلك بعد صعود الخطاب الفاشي العدائي في بنيته وبيئته، والذي جعل مفرداته تؤسس لمنظومة "تنشأ سلما متدرجا من النفي إلى غير النفي، معطيا الصفة العرقية للخصومات ما بين الإمبرياليين: في القمة الجرمان، ثم السلتي والألبي... واللاتيني"(1)، مخالفة في جوهرها- يوتوبيا- الحداثة، وعنوانها، وتطلعها الجمالي وابتهاجها الوجداني للمدينة المتخيلة(1)، التي يحلم بها الإنسان وحنينه لأسطورته الأولى، ومدوناته الرمزية، وشغفه لتفكيك دلالتها، ومعرفة كينونة الحقيقة، وتوقه للقبض عليها واستقصاء هوامشها، وسرودها، والوقوف على لذة حكيها وإعادة صياغتها وتجريبها، ولكن هذا لم يكن إلا حلما، ليفتح عينيه من جديد، ليعانق لذة الخراب، أمام هول الفاجعة، وخراب التجربة، وغياب الشكل، وبشاعة الموقف والرماد الذي نسج المدينة المحملة بتجريب خطاب الذباب السارتري، وعبثية ولامعقولية الانتظار (بكيت)، وشيئية، وفراغ الكراسي (يونسكو)، ومناخات القسوة والعنف (أداموف)، وإسقاط الكينونة (داروين)، وانكشاف اللاوعي من الوعي (فرويد)، وموت لذة الأسطورة (إيليا مرساد)، وشراهة الخبز (ماركس).
1/4: الشكل الروائي من المفهوم إلى النسق:
انبثق الشكل الروائي الغربي، من رحم الوعي البرجوازي، وقدرته على إرساء جمالية جديدة، تعكس مخياله البطولي الزاحف نحو التجديد والابتكار، فكانت الرواية في شكلها الابتدائي منشغلة بتحولات مرحلية حاملة على عاتقها "التنوع الاجتماعي واللساني من جهة والأصوات الفردية واللغوية في تنوع أدبي منظم من جهة أخرى"(1)، وإن كان سياق المرحلة مرتبطا جذريا بإشكالية المفهوم الجديد، وكيفية بروزه وتعبيره، وإرساء معالمه الأولى، فجاء الشكل الأول منفعلا بنيته الرومانسية الجديدة ووعيها الملحمي القديم- الجديد (الرواية)، محولا أشكالا قديمة (الملحمة) إلى أشكال جديدة (الرواية)، وفق نسق جديد، تمليه الاعتبارات الإيديولوجية والسياسية التي حمل لواءها البرجوازيون والسياسية التي حمل لواءها البرجوازيون الجدد، فكانت الرواية بيانهم الجمالي، ووسيطا ثقافيا، ومعبرا لتواصلهم في تاريخ السرد العام.
1/5: الرواية الغربية والتجريب:
المتغير سمة الفن، والقطيعة أداته الرئيسية، والجدة والمغايرة والتجريب سمات الخطاب الثقافي الغربي العام، والرواية لا يمكن أن تخرج عن هذه الحساسية الجديدة، التي أشاعها خطاب الحداثة، فكل الأشكال تتحول، بينما فيها الإنسان ذاته. والرواية مطالبة بأن تكون جديدة تساير المتغيرات، وتخلق قواعدها(1) الجديدة دون الوقوع في التكرارية والاستهلاكية، وتجاوز الأنماط القديمة في الأسلوب والبناء والتقنية، ورسم الشخصيات ومنظورها، وتجريب أنماط وأشكال لم تكن مقترحة في الاصل، مع الإيمان أنه ليس هناك قالب جاهز، ولن يكون القالب الجديد المكتوب هو بيان الكتابة الروائية الجديدة، فالأشكال تموت بمجرد بروزها وقراءتها، والكتابة الروائية لا تحدد مفهومها إلا من خلال كتابتها الخاصة، وما ينتج عنها من مقروئية، ماهو إلا قراءة تحتفل بالشكل المقروء، بحسب صياغتها المقترحة.
والرواية الجديدة(1)، ما هي إلا حكي للكلمات والأشياء والأشكال، وقدرتها على إنتاج الوصف، وتركيزها على التبئير الخارجي، ورفضها لمحورية الشخصيات، فالشخصية في عرفها تساوي الكلمة التي تحملها، فموت الشخصيات وغيابها في كثير من الأحيان في الفضاء السردي أصبح من سماتها الجديدة.
ويمكن استخلاص بعض العناصر العامة التي تشكل الرواية التجريبية، وإن كانت هذه العناصر لا يمكن الاعتماد عليها في معرفة هذا الشكل الجديد، لأن الرواية الجديدة (التجريبية) لا تقوم إلا على مفهوم خاص، ألا وهو (التجريب في التجريب).
- لم تعد رئيسية (عوضت بالكلمات أو الرموز...إلخ).
- التبئير الخارجي (الرؤية من الخارج) هو أساس العملية السردية.
- حضور الوصف وكثافته وتغليبه على باقي القضايا الأخرى السردية.
- اللغة الروائية: اللغة السردية متنوعة ومتعددة وابتكارية، تتعدد المواقع التي يفرزها السياق السردي.
- تفاعل النوع: تتفاعل وتتداخل مع كثير من الأنواع الأدبية الأخرى، خاصة الخطاب السينمائي والمسرحي والفن التشكيلي.
2: تصورات حول التجريب في الرواية العربية:
إذا كان التجريب في الرواية الغربية ارتبط بخطاب الحداثة التنويري، ودعوته إلى تعدد المعارف وحواريتها، وهذا ما جعل الرواية الغربية تحتفل بكتابتها في حقل ثقافي قائم على تجريب الوعي وقدرته على التفكير بحرية، بعيدا عن سلطة المرجع الواحد، أو هيمنة المطلق، وفي هذا السياق "رأت الرواية العربية النور في حقل ثقافي تلقيني مسيطر، والسيطرة لا تلغي النقيض، قوامه سلطة النص الديني المؤول ملحميا بلغة باختين، وسلطة البلاغة المؤولة دينيا تعين النص الديني مرجعا شموليا"(1).
فالشروط الاجتماعية والسياسية والتاريخية التي صاحبت ولادة الرواية العربية كجنس أدبي، مختلفة تماما عن ولادة الرواية الغربية، وذلك يعود- كما ذكرنا- لاختلاف الحقل الثقافي والمعرفي، مما يجعل التجريب في الكتابة الروائية العربية لا يحمل التصورات نفسها، التي عرفتها الرواية الغربية، ويمكن رصد حركة التجريب في الرواية العربية في متغيرات أساسية وفرعية.
2/1: المتغير الأول (البنيوي):
عرفت الرواية العربية حراكا بنيويا، تفكيكيا، من خلال السوسيولوجي، والممثل أساسا في التحولات التي عرفها المجتمع العربي في تغير بنياتها الاجتماعية والعمرانية، من مجتمع قروي إلى مجتمع مديني، وإن كان هذا التغير مرتبطا بخطابين أساسيين، وهما: خطاب الحداثة، وخطاب العنف الاستعماري. إن هذين الخطابين من العلامات الأولى في نشأة وتجريب الكتابة الروائية العربية، فهي إذن دعوة لاستثمار خطاب الاستعماري من جهة أخرى. فالتجريب الأول في الكتابة الروائية- العربية- هو البحث عن هذا الشكل الجيد الوافد من الآخر وربطه بالمتغير القيمي المجتمعي، وإشكاليته الثقافية والسياسية.
2/2: المتغير الثاني (السياسي):
إن أهم حدثين سياسيين غيرا الجغرافيا السياسية للمجتمعات العربية، وأحدثا فيها صدمة تاريخية وثقافية وأدبية – روائية هما: احتلال فلسطين سنة 1948، وهزيمة 1967. فوقع الهزيمتين ترك ضلاله وأسئلته، والرواية العربية هي الأخرى معنية أيضا في إعادة صياغة أسئلتها، والبحث عن الإجابات الممكنة. فالواقع الجديد يقتضي شكلا جديدا في إعادة صياغة المرحلة مما سيحتم على كتاب الرواية اكتشاف الأدوات والأشكال، والانفتاح على المرجعيات والصيغ المختلفة في القص القديم والحديث، ثم تجريبها، واستخراج وابتكار تصور كتابي يشكل مفهوما جديدا في تجربة الرواية العربية الحديثة.
2/3: المتغير الثالث (جيل الحساسية الجديدة):
حمل الجيل الجديد، الذي ورث إرثا تقليديا في كتابة الرواية العربية من مقامات الهمذاني إلى محمد حسين هيكل (زينب)، فقرأ سرودها وجمالياتها، وتقبل بيانها الحكائي، وتمثلها باحتفالية، وقدس متحفيتها الجماعية، إلى أن وجد نفسه في مفترق الطرق، وأمام خيارات لم تكن من صنيعه، فواقعه المهزوم سياسيا (استعماريا) وثقافيا وأناه المشرنقة بين ماض وهمي، وواقع مقهور ومغشوش، واضطراب إيديولوجي، وغياب الرؤية والاتجاه والهدف، وشيوع روح القلق، وبروز الذات الفردية واندفاعها نحو المغامرة في الكتابة، والبحث عن الخصوصية والتفرد، والخروج عن ما هو مألوف، والعبث بالأشكال المتعارف عليها في كتابة الرواية، والاندفاع نحو تجارب جديدة، وتجريب كل ما هو غير ممكن، فهذه الروح الجديدة عند الجيل الجديد أعطت للرواية العربية كما هائلا من الكتابات المتنوعة في الأشكال والصيغ والأدوات الفنية، ومنحت بذلك آفاقا جمالية وتجريبية، أضفت على المشهد السردي العربي المعاصر، مشاريع روائية متنوعة بتنوع كتابها، ولتدفع بذلك الخطاب النقدي العربي، بتجديد آلياته ومقاربته وأدواته النقدية، وتعامله بوعي نقدي، يستجيب لمتطلبات الوعي الجمالي (الروائي)، وتناغم معه من حيت الأدوات التجريبية.
إن التجريب في الرواية العربية الحديثة تكمن فاعليته الجمالية في مدى قدرة كتابها على طرح الأسئلة الجديدة، وصياغة الأشكال الجديدة.
المراجع المعتمدة:
- السردية العربية الحديثة، تفكيك الخطاب الاستعماري، وإعادة تفسير النشأة. د/عبد الله إبراهيم، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 2003.
- لغز العقل: مشكلة العقل- الجسد في الفكر المعاصر، سرجيو مورافيا، تر: عدنان حسن، منشورات وزارة الثقافة السورية، 2002.
- تاريخ الإيديولوجيات، ج3، المعرفة والسلطة من القرن الثامن عشر إلى القرن العشرين، فرنسوا شاتلية، تر: أنطوان حمص، منشورات وزارة الثقافة السورية، 1997.
- مدينة الإنسان: بيير مانينه (Piere Maneni)، تر: فاطمة الجيوشي، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، 2000.
- Esthetique et theori du roman, Mikhail Bakhtine, Gallimard, 1978.
- نحو رواية جديدة: آلان غروب غرييه، تر: مصطفى إبراهيم، دار المعازف، مصر، دت.
- بحوث في الرواية الجديدة: ميشال بوتور: تر: فريد أنطونيوس، ط1، منشورات عويذات، 1971.
- نظرية الرواية والرواية العربية، د/ فيصل دراج، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 1999.
- النص وهوية المتلقي.