مأزق الحركة النقدية الأدبية العربية إشكالية "التجريب الروائي" نموذجا

- محمد كاديك
جامعة الجزائر 2
- محمد كاديك
جامعة الجزائر 2
يتفق كثير من الباحثين والنّقاد ــ على غرار إيدموند جالو (Edmond Jaloux) ــ على أن مهمّة النّقد الأدبيّ ليست انتخاب الأعمال الأدبيّة أو الحكم عليها، بقدر ما هي التّحديد الواضح لحدود هذه الأعمال، والمساحات التي تمنحها لقرائها؛ ولهذا، فإن مهمّة النّاقد الأولى هي تفكيك بنى الأعمال المكتملة بما يسمح للمتلقّي بالاقتراب من العمل الأدبيّ وتكوين صورة واضحة عنه؛ غير أن المشهد النقدي العربي في عمومه، وإن كان يعترف للأديب بحقه في الإبداع والتّجديد، فإنه كثيرا ما يتعامل مع الأعمال الرّوائية وفق المعايير التي يحدّدها لها مسبقا، لا وفق ما تقتضي طبيعة الإبداع المفتوح على كل الاحتمالات؛ وبما أن النقد يتعامل عادة مع حالات إبداعية فردية، فإنه صار يصطنع لها أصنافا مختلفة من التّسميات، فصار هناك ما يسمى بـ"روايات السّجون" و"روايات الصّحراء" و"روايات الجلاد" وغيرها من "الرّوايات" التي تصنّف وفق موضوعاتها على أساس أنها "تجديد" أو انتقالات نوعيّة في الكتابة الرّوائية، رغما عن إذعان النّقد لميخائيل باختين القائل بأن الرّواية جنس غير مكتمل، ما يؤدي بالضّرورة إلى القول إنّ "الهجنة" التي يلاحظها النّاقد على عمل روائي معيّن، إنما هي من الطّبيعة الأجناسية المحض للعمل المعيّن، وليست تجديدا ولا انتقالا أجناسيا، وهو ما يعني أن "الرّواية" ستظلّ "رواية" حتى وإن استغلّت مساحات أخرى لأجناس أدبية ليست في دائرتها.
ونعتقد أن هذا المأزق النقدي العربي يتّضح جليّا في الدراسات المتعلقة بـ"التجريب الروائي"، ذلك أن مفهوم "التّجريب" يبقى بدون تعريف واضح، فهو يعطي الانطباع بأنه الوسيلة إلى إنتاج بنى روائية وسرديّة جديدة، أو أنه استراتيجية تمنح النّص تحوّلا لا نهائيا، ولكن "الجديد" و"التحوّل" يبقى غامضا بدوره دون معنى، بحكم أن النّص الرّوائي كان مفتوحا على كل التحوّلات منذ البدء وفق ما تقتضي طبيعته.
-
"سؤال "النّقد"..
إذا كان في متناولنا تجاوز كثير من الكلام غير المؤسّس الذي يطلقه بعض الرّوائيين في حق "النّقد" بدوافع نفسية خالصة؛ فإنّنا لا يمكن أن نتجاوز موقف واسيني الأعرج على سبيل المثال، فهو يجمع بين المعرفة الأكاديمية والكتابة الرّوائية، وهو نفسه من يرى بأن «النّقد لم يساهم في نجاح الرّواية العربية، بقدر ما نجح في خلق حالة من التّشتت للقارئ وفجوة كبيرة بين المبدع والمتلقي»؛ وهذا رأي له ثقله على "النّقد" من ناقد يمارس الكتابة الرّوائية، وهو ما يدفعنا إلى طرح أسئلة نعتقد أن أهميتها قصوى في الحقل الذي نقصد إلى الاشتغال عليه، وهي تتأسّس كما يلي:
هل تحتاج "الرّواية فعلا إلى "نقد" يحقّق لها نجاحها، أم أن هذا النّجاح منوط بعوامل أخرى قد لا يكون لـ"النقد" أيّ أثر عليها؟ ألا يمكن أن نقرأـ تحصيلا لحاصل ـ أن ما عبّر عنه واسيني الأعرج بـ"فشل النقد" إنما هو اعتراف بفشل "الرّواية العربية" نفسها، وهو فشل قد لا يتحمّل عبئه "النّقد" بالضّرورة؟!.. ثم.. ما هي طبيعة "النّقد" الذي يضمن النّجاح لـ"الرّواية".. هل هو "النّقد" الذي يقوّم الرّوائي أم هو "النّقد" الذي يصوغ النّاقد فيه انطباعاته العامة و"تأويلاته" التي يمكن أن لا تكون في حسبان الروائي على الإطلاق؟ وما هو المطلوب من النّاقد كي يسهم في نجاح العمل الأدبيّ؟ ثم إن هناك زاوية رؤية أخرى جديرة بالنظر: هل تتوقف وظيفة النّقد عند حدود تحقيق نجاح عمل أدبي على حساب عمل آخر، أو تحقيق نجاح الأعمال كلها؟!
لا شكّ أن هذه الأسئلة تعود بنا إلى منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، وتستحضر ذلك النقاش الدّامي الذي جمع بين زكي نجيب محمود ومحمد مندور، حول ماهية "النّقد" بين طبيعيتن مفترضتين، واحدة ترافع لصالح الصّبغة الفنيّة، والأخرى ترى النقد علما محض؛ ويشفع لسؤال الماهية هذا أنه ليست تخصّصا عربيا، وإنما طبع كثيرا من النقاشات على مستوى عالمي، لأن سؤال الأدب ـ في الأخير ــ انساني في كنهه؛ ولعلنا نذكر في هذا المقام موقف الرّوائي غابرييل غارسيا ماركيز الذي لم يتوان في التّعامل مع النّقد بنوع من السّخرية والاستهجان، بل إنه يعترف صراحة بأنه قصد، في رواية "مائة عام من العزلة"، إلى وضع «"قشرة موز" وطأها العديد من النّقاد»، فقد كان يرى بأن "المقاصد المعقّدة" التي يتحدّث عنها نقّاد أعماله، إنما تنبع من "لاشعورهم" فـ«النّقاد عكس الروائيين ـ يقول ماركيز ـ لا يجدون في الكتب ما يقدرون عليه، بل ما يريدونه».
ولعلنا في هذا الوصف السّريع نكون قد قدمنا صورة مجملة عن "سؤال النّقد" تتعلق بطبيعته ووظيفته ومناهجه، ونقدّر بأن موقف ماركيز فيه من التّعميم والتّسطيح ما يشرح عامل "اللاشعور" الذي تحدث على لسانه، تماما بمثل ما وصف به "النّقاد" و"قشرة الموز" التي أعدّها لهم، ومثل ذلك موقف واسيني الاعرج، فهو وإن كان يردّ "فشل النّقد" إلى "أزمة المصطلح" من جهة، وإلى "لغة النقد" التي تبحث عن "التعالي" إلى مستوى لا يستوعبه القارئ من جهة أخرى، فإنه لا يشكّ ـ من جهة أرخى ـ في قدرة "القارئ" على التعامل مع العمل النقدي بحكم وجود مساحات مشتركة بين قطبي "النقد" و"القراءة"، ولا يفوتنا بأن هذا الوصف يحرم "النّاقد" صفة القارئ، مع أنه القارئ الأحسن الذي لا يكتفي بموقف سلبي، وإنما يجعل المقروء منتِجا، ويحقق له وجوده الكامل، مهما كان موقفه، ومهما تكن "قشرة الموز" التي قد ينزلق عليها.
-
إشكالية "النّقد" العربي
ينبغي أن نسجّل في البداية أن تصنيف "النّقد" الذي اعتمدناه في هذا العنوان، إنما هو لتحديد المنطقة الجغرافية التي نشتغل عليها، ولا يتجاوز ذلك، فـ"النقد" هو نفسه في كل أنحاء البسيطة، ولا ينماز بالجغرافيا، ولا بالعرق ولا حتى بـ"الموقف الديني"، تماما مثلما هي الحال مع "العقل" ومفاهيم أخرى انسحبت عليها تصنيفات من هذا النّوع، فصارت أقرب إلى المغالطات منها إلى المفاهيم الموضوعية.
وحتى إن تفاوتت مستويات القراءات النقدية، بين البشر، لعوامل تاريخية أو ثقافية موضوعية، فإنها ـ في كل أحوالها ـ تنضوي تحت عنوان واحد يشمل التفكير البشري، ولا يخرج عنه، ولهذا نسجّل في البداية أن وصف "النقد" بـ"العربي" لا ينبغي احتسابه على أنه من التصنيفات التي يعتدّ بها، فهو لا يختلف عن تصنيفات الأدب الكبرى التي يعتمدها الدّارسون لوضع حدود دراساتهم، وليس بغرض تقنين الماهيّة الأدبيّة.
نقطة أخرى لا ينبغي أن تفوتنا، وهي المتعلقة بـ"مفهوم النقد" نفسه، إذ لا يمكن لنا أن ننكر بأن اصطلاح "النّقد" ـ في ضفتنا العربية ـ أحيط بمحمولات من المعاني السّلبية لا يحتملها بالضرورة، فقد صار المدلول السّلبي وحده مهيمنا حتى عند المشتغلين بهذه المادّة الحيوية في عالم الأدب، ولم يعد يتجاوز إظهار النقائص في العمل الأدبي إلى البحث عن محاسنه، ويبدو لنا أن الوظيفة الأصعب إنما هي البحث عن المحاسن، إذ ليس أسهل من الوقوع على المساوئ، خاصة حين يكون المنطلق "لاشعوريا"، كما وصفه ماركيز آنفا؛ ثم إننا يجب أن نسجّل بأن الأعمال النّقدية التي نراها مقبلة على هدم الأعمال الأدبية بنهم زائد، هي نفسها الدّليل القائم على أن هذه الأعمال لها قيمتها التي أرغمت النّقاد على متابعتها والحرص على هدمها، وهنا يفقد العمل النّقدي كلّ ما يحقّق له ماهيته بمجرد تحصيل حاصل.
ولا اختلاف على أن المشهد النقدي في ساحة الأدب العربية يعاني من إشكاليات كبرى على مستوى الماهية والمنهج والأسلوب والوظيفة، ولهذا تطالعنا ساحة الأدب، بين حين وآخر، بصدامات لا تفيد المنظومة الأدبية في شيء، لأنها تكتفي ــ في الغالب ــ باتهمات واتهمات مضادة، لا تخرج عن حيّز المفهوم المغالط المعتمد لـ"النّقد"، فما الذي انتهى إلى التوطيد لـ"المغالطة" عوضا عما ينبغي أن يتمأسس عليه المفهوم؟!
-
معالم على طريق "النقد"..
لا يمكن الإنكار بأن مادة "النقد" في الضّفّة العربية لم تتمكّن ـ بصورة مجملة ـ من فرض نفسها كقيمة مضافة إلى الأعمال الأدبيّة، فقد جرت العادة أن يكون العمل النقديّ محلّ اتهام سواء تتبّع ما هو سلبي، أو بحث عمّا هو إيجابي، ولكن ما يشفع لـ"النقد" أن له مناهجه العلمية المحكمة التي تحصّنه من الوقوع في "المحسوبيات" الصغيرة، أو المجاملات البسيطة؛ فما الذي جعل "النقد" يقع في دائرة "الاتهام" التي يفترض أنه يتعالى عليها؟!
في هذا المقام، نعتقد بأن الإجابة على السّؤال تقتضي العودة إلى قراءة تاريخية معمّقة للمشهد النقدي من أجل الإحاطة بالأسباب التي انتهت به إلى ما هو عليه اليوم، ولقد وضع عبد الله ابراهيم يده على نقطة هامة وهو يشرح طبيعة المسار الخاص بتطوّر الثقافة العربية الحديثة، فقال إنه «يكشف صورة شديدة التّعقيد تتضارب فيها التصوّرات والرؤى والمناهج والمفاهيم والمرجعيات، ولا يأخذ هذا التضارب شكل تفاعل وحوار، وإنما يمتثل لمعادلة الإقصاء والاستبعاد من جهة، والاستبعاد السلبي والاستئثار من جهة ثانية»، وهو ما أفضى ـ وفق عبد الله إبراهيم ـ إلى "ثقافة مطابقة" عوض "ثقافة الاختلاف"، فيقول واصفا الثقافة العربية الحديثة:
«.. هي في جملة ممارساتها العامة، واتجاهاتها الرئيسية، تهتدي بـ"مرجعيات" متصلة بظروف تاريخية مختلفة عن ظروفها، فمرة تتطابق مع مرجعيات ثقافية أفرزتها منظومات حضارية لها شروطها الخاصة، ومرة تتطابق مع مرجعيات ذاتية تجريدية متصلة بنموذج فكري قديم (...) فتندرج الثقافة في علاقة ملتبسة يشوبها الإغواء الايديولوجي مع "الآخر" و"الماضي"، بحيث أصبح حضورهما "استعارة" جردت من شروطها التاريخية ووظفت في سياقات مختلفة».
ولا نشكّ أن تشريح عبد الله ابراهيم للواقع الثقافي، لامس المشكل العام الذي يؤطر طبيعة التّفكير في الضّفة العربية، ونرى بأنه وصف بدقّة تلك الحالة الانتقالية التي شهدتها المنظومة العربية ـ على كل المستويات ـ فيما يعرف حاليا بـ"عصر النهضة"، أين تمأسست الثّنائيات التي شكلت الرؤى العامة للخطاب العربي في كل أشكاله، وهو ما يذهب إليه فيصل درّاج حين يرى أن "عصر النهضة" لم ينتج أكثر من الثنائيات التي تتواصل في الخطاب العام إلى اليوم، حتى أن الثّقافة العربيّة «تدور في حلقة مفرغة حدّها الأوّل الدفاع عن "أصالة" لا تحديد فيها، وحدّها الآخر الحديث عن "حداثة" لا تقلّ ضبابية»؛ فإذا عدنا إلى محمد عابد جابري، نجده يتحدث عن "العقل العربي" بما هو "الثوابت الثقافية المؤسسة لبنية العقل"، ويذهب إلى أن أشياء كثيرة لم تتغيّر في الثّقافة العربية منذ "الجاهلية" إلى اليوم، رغما عن انتقالات كثيرة عرفها التاريخ العربي بداية من ظهور الإسلام، بما هو أعظم انتقال يشهده العقل العربي، مرورا بـ"عصر التدوين" وما شهد من فتوحات علمية كبرى، إلى غاية ما نتعارف عليه اليوم بـ"عصر النهضة".
وظاهر أن المشهد النّقدي العربي لا يمكن أن يقدم نفسه إلا ضمن السّياقات التاريخية العامة التي اصطنعت أساليب التفكير، وأسست لما يتفق عليه عبد الله ابراهيم وفيصل دراج بخصوص الثنائيات التي اصطبغ بها هذا التّفكير، وهو ما يقدم عنه عبد الله ابراهيم صورة غاية في الوضوح، حين يضع تحت مجهر الدرس مجموع القراءات التي تعرّضت إلى أعمال طه حسين، ليصفها بأنها قراءات أنتجت طه حسين طبقا لمقاييسها، فركّبت له ولمشروعه الفكري والنّقدي صورة معينة توافق "المرجعيات" التي تصدر عنها (...)، فيظهر في صورة المارق الهدّام الذي لا يتورع عن العبث بمقدسات الذاكرة الجماعية للأمة مرة، ثم يظهر في صورة الطليعي الفاعل المستنير الذي يريد أن يدفع بالأمة إلى ميدان الفعل العقلي الحداثي من جهة أخرى، وهذا يجسد ثنائية "الأصالة" و"المعاصرة" أو "الحداثة" بما هي نتيجة طبيعية توّجت نهاية عهد طويل من الركود، يطلق عليه مالك بن نبي اسم "عصر ما بعد الموحّدين" كما هو معروف، وهذه مرحلة تاريخية بدأت بسقوط الأندلس، وأخمدت فيها أنفاس العلوم، وضاع في زحامها روح التفكير النقدي، فانتهى التّاريخ إلى ما يسمى "عصر النهضة"، واصطنع ما لاحظ عبد الله إبراهيم من ازدواج في القراءة، قدّر أنه «يتّصل أساسا بالانقسام الشّديد في الوعي الذي يبلغ به الأمر أن ينتج النقائض في آن واحد».
لا نريد العودة إلى الأسباب التّاريخية لبروز هذه الازداوجية في القراءة، ولا إلى مؤسِّساتها العقلية، بما هي منتج طبيعي لـ"الثنائيات" التي تأسس عليها التّفكير النقدي، لأن ما بين أيدينا حاليا يفي حاجتنا لما نقدم عليه في مبحثنا هذا، ولهذا نسجّل مع عبد الله إبراهيم أن "القراءة" العربية استأثر بها حكم "القيمة"، واستخلصها لنفسه، لذلك صارت تصدر أحكاما قيمية تستمد شرعيتها من المرجعية العليا التي تستند إليها؛ وإذا كان عبد الله إبراهيم يعترف بأنه لا وجود لقراءة بريئة بإطلاق، بما أن الخلفية الأيديولوجية ـ على سبيل المثال ـ لها اشتغالها الخاص مهما تحرّى الناقد/القارئ الموضوعية في الطرح؛ فإنه يعتبر الازدواجية التي تطبع التفكير النقدي العربي "خطرا" ينغرس في صلب الثقافة العربية، فـ"الازدواج" هنا «يتجاوز "الاختلاف" لأنه لا يقرّ به ولا يؤمن بـ"التنوّع" ويسعى إلى "المطابقة" بكل دلالاتها»، وهكذا يظهر طه حسين في صورتين اثنتين متناقضتين بقدر التعارض بين "التطابق" مع الآخر وثقافته، و"التطابق" مع التصوّرات الموروثة؛ ويمكن في هذا المقام أن نقدم أمثلة كثيرة بينها القراءات التي اعتنت بأعمال نصر حامد أبو زيد ومحمد عابد الجابري ومحمد أركون وغيرهم ممن أُخضعوا لمبدأ "المطابقة"، وها هو زكي نجيب محمود يسجل على محمد مندور أنه ينثر أحكاما أدبية صادقة، ويعتبر رهان مندور على الذوق الفني في النقد "ضلالا بعيدا"، وها هي صورة علي عبد الرازق تتأرجح في "نقد" محمد عمارة لكتاب "الإسلام وأصول الحكم"، فيقدّمه مرة على أنه "حادّ البصيرة في رؤية اتجاه حركة التطوّر والتاريخ"، ثم تدول به الأيام، ويضطر إلى تكييف موقفه من عبد الرازق، فيجده "يخدم أهداف الاستعمار الغربي في محاولته للقضاء على «الخلافة» سعيا إلى علمنة المجتمعات الإسلامية"؛ ثم إن هذه القراءات النقدية التي تبحث عن "المطابقة" لم تسلم منها كتب التراث نفسها، ويمكن أن نتّخذ على هذا نموذجا طريفا اصطنعه الشيخ محمد سويد في تحقيق "البخلاء"، فقد روى الجاحظ عن طبيب يدعى أسد بن جاني، أصيب بالكساد في سنة وبئة، وعلل كساده بقوله: «أما واحدة فإني عندهم مسلم، وقد اعتقد القوم قبل أن أتطبّب، لا بل قبل أن أخلق، أن المسلمين لا يفلحون في الطب»، فتصدى له محقّق الكتاب الشيخ محمد سويد بحاشية قال فيها: «قوله إن المسلمين لا يفلحون في الطب، قول كذّبه التاريخ، فابن سينا والرازي والخوارزمي وغيرهم من أطباء المسلمين هم أساتذة العالم في الطب».
عودا على بدء، نسجل أن طبيعة "السّؤال فيما نصفه الآن بـ"النّقد العربي" (تحديدا لمجال لا تصنيفا) لا يختلف عمّا تطرحه السّاحة العالمية، فقد سجل جيرار جينيت (Gérard Genette) وجان ماري شيفير (Jean-Marie Scheaffer) موقفا من غرور يطبع "النقد" الذي يقدم نفسه على أنه موضوعي، وهو لا يتجاوز كونه شكلا لحكم ذوقي ذاتي، ولا يوافق جينيت ولا شيفير مسألة "الذوق" باعتبار أن وجود "النقد" في التّاريخ أعمق من وجود "علم الجمال"، ولكن هذا "التطابق" إنما هو في طبع التفكير الانساني عامة، والاختلاف العميق مع ما نصفه بـ"النقد العربي" له أغواره العميقة في الأفكار المؤسّسة لـ"السّؤال"، ولهذا "يختلف توماس مونديمي (Thomas Mondémé) مثلا، ولا يجد صعوبة في تمييز ثلاث طبقات كبرى للممارسة النقدية في حضن "النقد الأكاديمي"، فيصنّف "النّقد العالم" (Critique Erudite) والنقد الهيرمنيوطقي/التأويلي (Critique Herméneutique) و"النّقد الشكلي" (Critique Formelle)، ويرى بأن "النقد" في حالاته الثلاثة ينسب إلى النّص مميّزات مستقرّة وجوهرية، وهو ما يكفي لـ"شرعنة" النقد وإعطائه صفة العلمية كما يقول مونديمي، تماما بمثل ما وصف زكي نجيب محمود طبيعة "العلم" التي تقتضي وضع قوانين شاملة.
ولعل الفارق بين الضّفتين يبدو واضحا الآن، فالاختلاف بين محمود ومونديمي وإن أظهرا ما يبدو توافقا، إنما يتأسّس على مسار التاريخ، ذلك أن مونديمي يشتغل بأدوات توصّل إليها وفق ما يقتضي مسار تطور طبيعي للتاريخ، في مقابل زكي نجيب محمود الذي تلقى ثمرات المسار التاريخي "جاهزة" دون أن تكون منتجا لتفاعل ثقافي عميق على المستوى الاجتماعي، ولهذا نجد واسيني الأعرج ـ كما سبق وأشرنا ـ يضع يده على مشكلتي "المصطلح" و"اللغة المتعالية"، فـ"المصطلح" النّقدي ليس من منتجات السّاحة العربية ولا مما فرضته عليها الحاجة التاريخية، ولهذا يجد صعوبة في التأقلم مع اللغة والواقع الحضاري العام، وهو ما ينتهي إلى الاصطلاح العجيب المسمى "اللّغة المتعالية"·، ولعل هذا يتّضح بشكل أفضل حين نقرأ توجهات السّاحة النقدية الجزائرية كما لخّصها محمد داود، ونجدها تتفرّع وفق نظرتها إلى القضايا التي تعالجها، ومقارباتها المعتمدة في الدراسة؛ فقد طُرحت المسألة الأجناسية في النظر إلى "الرواية" ـ كما رآها داود ـ وفق توجهين اثنين تمأسست بينهما النظرية الأجناسية، أولهما توجّه كلاسيكي يعتمد تعريفا غير علمي للشّكل والمحتوى في تصنيفه لعدد من الخطابات الأدبية، والآخر "مابعد كلاسيكي" يعتمد نوعا من متصوّر الواقع المرجعي للتمييز بين أشكال التعبير، ويتبين لنا أن التوجّهين إنما ينزعان إلى النظرة الجمالية التي لا يمكن أن تخلص من الذاتية في الحالة الأولى، أو لا تتجاوز المقارنة في الحالة الثانية، أما المنتج الروائي الجزائري ـ في مجمله ـ فهو لم يقنع ساحة النقد سوى بقضايا لم تتجاوز "جوهر الجنس الروائي الذي يسمح بتصنيف النصوص بداية من الأربعينيات" و"الأسباب الموضوعية والذاتية التي منعت ظهور الشّكل الروائي في الفضاء العربي" بله عن قضايا لغوية وأخرى هوياتية تحركها الخلفيات الأديولوجية في الغالب، وهي ـ في اعتقادنا ـ نفس القضايا التي طرحت في الفضاء العربي مجملا، ونردّ هذا إلى ما سبق وألمحنا إليه من تلق جاهز للمفاهيم في سياق ما يسمى عصر النهضة وثنائياته، ونعتقد أن هذه النقطة بالذات تكون أوضح فيما يأتي، من خلال طرح الإشكالية التي يمثلها مفهوم "التجريب" في الخطاب العام والخطاب النقدي العربيين.
-
"التجريب".. المفهوم العائم
يعرف اصطلاح "التّجريب" انتشارا واسعا في الأوساط الثقافية، فلا يخلو منه حوار أدبي، ولا نقاش حول "الرواية" بصفة خاصة، ولكن سعة الانتشار لم تمكّن للمصطلح من الاستقرار على تعريف واضح يجتمع عليه النقاد والأدباء معا، فهو تارة يبدو إحالة إلى اشتغال سردي أو شعري غير مسبوق، وتارة يميل إلى تمييز شكلي لا تبدو معالمه في الغالب، وقد تكون له إحالات أخرى كثيرة كأن يستغلّ استغلالا واضحا في السجالات الصحفية، أو يتّخذ ذريعة لتجاوز رأي نقدي.
الحاصل إذن أننا لم نطّلع حتى يومنا هذا على مفهوم لـ"التجريب في الرواية العربية" واضح، يمكن أن يعتمد لمقاربة عمل روائي، رغما عن تردّد المصطلح في البحث العلمي، لذلك نحاول العودة إلى أصل المفهوم، عسى نقترب مما يحيل إليه في وضعه العربي.
ظهر اصطلاح التجريب في الأدب أول مرة مع ما يعرف بـ"الرّواية التجريبية" كما أسس لها إيميل زولا (Emile Zola)؛ ولقد كان دافعه الرئيسي في التأسيس لتطبيق المنهج التّجريبي على ما أسماه "الرواية التجريبية" (Le roman expérimental) أن «تطوّر "الطبيعية" يفرض على كل تمظهرات الذكاء الانساني أن تسير على هدي العلوم» ولقد أسس لروايته من خلال رؤية كلود بيرنار (Claude Bernard) في معالجة الظواهر من خلال "الملاحظة" و"التجربة"، ليلخص منهجية العمل كما يلي:
«الملاحظ يسجّل الظواهر التي يعاينها.. ينبغي أن يصوّر الظواهر؛ وملاحظته يجب أن تمثّل الطّبيعة كما هي.. إنه يستمع إلى الطبيعة ويكتب ما تملي عليه، حتى إذا تمّ تسجيل الحدث، وتمت ملاحظة الظاهرة، تطلع الفكرة، ويتدخل الاشتغال العقلي، ويظهر المجرب كي يشرح الظاهرة».
وبما أن الرّوائي يكتب دائما من أجل التوّصل إلى حقيقة، كما يصفه زولا؛ فإنه يقوم بدور الملاحظ والمجرّب معا، ذلك أن «الملاحظ فيه يسجل الأحداث كما لاحظها، فيحدد منطلقاته، ويمهّد أرضية صلبة لتسيير الأحداث، ثم يأتي دور المجرب فيضع أسس "التّجربة" ويحرّك الشّخصيات في حكاية استثنائية، ليبين بأن تتابع الأحداث يكون وفق ما تفرض الظواهر محل الدراسة»، ومن هنا يعرّف زولا الروائي الطبيعي بأنه من يلاحظ ويختبر ومن تنشأ في نفسه الحاجة إلى المعرفة من منطلق "الشّك" فيواجه الحقائق غير المعروفة بدقة، والظواهر التي لم تحظ بالشرح إلى أن أن تلمع فكرة التجريب فجأة، وتوقظ فيه الرغبة في البحث، وتدفعه إلى تأسيس تجربة لتحليل الوقائع وإحالتها إلى واقعها الموضوعي.
ولعل أول ثمرة نجنيها من رؤية زولا، هي أن روايته التجريبية إنما كانت نتيجة لتطور علمي له خلفياته الفلسفية العميقة التي تكرّسها "الطبيعية" (Le naturalisme)، وهي رواية تستند إلى منهج واضح وافقناه أم خالفناه، وهو منهج يعبر عن انتقال حقيقي في مفهوم "الرواية"، فهل يمكن أن يكون هذا "التجريب" هو المقصود في السّاحة العربية؟! حتما.. سيكون الجواب لا، فـ"الطبيعية" نفسها متجاوزة على المسار العام للفلسفة، وليس يعقل أن أن نطالب رأسا مستديرة بتقبل أفكار مستطيلة وفق تعبير جبران خليل جبران.
غالب الظّن إذن، أن رهان "التجريب" في الضفة العربية يعتمد على ما يعرف بـ"الرّواية الجديدة" التي استحوذت على تلك الوظيفة الجوهرية للرواية بما هي التمثيل والتأويل بلغة الخيال وبما هي مختبر السرد، وليس يفوتنا ـ في هذا المقام ـ أن الرواية الجديدة، لم تكن نتيجة لرغبة في الإبداع تولّدت دون رؤى فلسفية فرضت ما جاء بجديدها، ولقد أنتجت مثلا، ما يعرف بـ"الكتابات البيضاء" بما تمثله من تغييرات جوهرية بالنسبة للنثر الحديث، رغم اعتبارها تجليا أسلوبيا للرواية الجديدة وحسب، ولا تتميّز سوى بإعطاء الأسبقية للوصف، ومنح المعاني الحقيقية مع ضعف في الإحالات الثقافية، وبما أن "المفهوم" الواضح هو المؤسس لكل العمل الذي ينضوي تحته، فإن نيلي وولف لا تقدم تعريفا جاهزا للرواية الجديدة، وإنما تعترف في البداية بأن ربط الرواية الجديدة بـ"الواقعية الجديدة" يقف أمام حجر عثرة تتمثل في «استحالة التعريف الظاهراتي للعلاقة»، ومع هذا فإن آلان روب غريي (Alain Robbe-Grillet) اقتطع جانبا هاما من الفلسفة الوجودية، ووظفها في تعريفه الخاص لـ"روايته الجديدة" التي فتحت بابا على مستقبل وجودي، ولكنها رفضته على يدي غريي هذا المستقبل، ويهمّنا في هذا المقام أن نلاحظ بأن استحداث الجديد لم يتحقّق بمجرد رغبة أدبية خالصة، وإنما كانت له خلفياته الفلسفية العميقة؛ فهل يمكن لنا أن نحسب مفهوم "التجريب" المتداول بيننا على هذا الحوار الذي تخوضه وولف، أو المواقف التي يتّخذها جان بول سارتر، موريس بلانشو ونتالي ساروت؟!
لعل كثيرا من الرّوايات العربيّة لا تعتمد ترتيب النّمو الكلاسيكي للأحداث، وتقدم نفسها في قوالب سردية حديثة، ولكن، هل يكون من حقنا أن نصفها بأنها تدخل في باب "التجريب" لمجرد تقاطعها مع "الرّواية الجديدة" في عدد من المميّزات، أو أنها تطبق ما ينبغي للرّواية الجديدة؟ وما دامت "الرّواية الجديدة" تمثل انقلابا على مسار السّرد، وانقلابا على الحبكة وانقلابا على الأنماط، فهل يصحّ أن نطلق صفة "المجرّب" على روائي تلقى كل هذه الانقلابات جاهزة تماما مثلما تلقى "عصر النّهضة" فلسفة غفل عنها طوال "عصر ما بعد الموحّدين"؟!
لنقل إن مفهوم "التّجريب" يتوقّف عند حدود الإبداع على مستويات "البنية"، "الرّؤية" و"الخطاب الثّقافي"؛ فهل يصحّ أن يكون كل مطبّقي رؤية ميشال بيتور مثلا، مجربين، أم أن تجربة بيتور هي التي تمكنّت من الإقناع لتحقق لنفسها صفة "التجربة"؟.
يجب أن نسجل مع ميخائيل باختين (Mikhaïl Bakhtine) بأن «جوهر كل جنس أدبي لا يتحقّق ولا يتجلى بعمق إلا في تنوّع متغيّراته التي يبدعها "الجنس" موضوع الاشتغال، في أثناء تطوّره التّاريخي، وكلما توصّل الكتاب إلى هذا التنوّع يكون عمله أكثر غنى وأكثر توغلا إلى لغة الجنس، لأن لغة الجنس محدّدة وتاريخية»، وهو ما يعني أن الجنس ثوابت الجنس الأدبيّ تتواصل مهما تدخلت روح الإبداع، وأمعنت في التّجديد، فالاشتغال في مجمله يكون على المتغيّرات من خلال تنويعها لإعطاء نكهة الجدة للعمل؛ وهو ما توصّل إليه باختين "شعرية دوستويفسكي" وهو يميط اللثام عما يصنع أصالة أعماله (Originalité)، فقد وجده يضيف «أشكالا جديدة للرؤية الأدبية، ويكتشف وجها جديدا للانسان، وصورة أعمق للحياة»؛ فما الذي تضيفه الرواية العربية إلى الانسان، وماذا تبدع للحياة؟!
لا ندعي أن الرواية العربية لا تلامس الجانب الانساني العميق، ولا ندّعي كذلك أن "النّقد" لم يقرأ هذه الرّوايات كما ينبغي، ولكن يبقى أن المنتج الفلسفي ليس عريبا، وأن الساحة العربية نفسها لم تتهيأ لهذا المنتج الفلسفي حتى بما توصلت إليه من ثنائيات عصر النهضة، فهي تبقى حبيسة "المطابقة" كما وصفها عبد الله ابراهيم، وإذا كان واسيني الاعرج يشير إلى إشكالية "المصطلح" في النقد، فلا نرى في موقفه غير إشارة إلى هذا الإشكال، ولكن ينبغي أن لا يفوتنا كذلك بأن "الرواية" في الفضاء العربي، بدورها، لم تكن نتيجة لحاجة تاريخية وحراك فلسفي، وإنما أنتجتها "المحاكاة" وحسب.
بقي القول مع إيدموند جالو إن النقد مسألة غاية في الجدّية وخليقتها المحورية هي "الصبر"، ولكن "النقد الأدبيّ" يتطلب كذلك جرعة لا بأس بها من "التواضع" حتى لا يركّز النّاقد على قدراته الابداعية الشخصية، وإنما يهتم بقدرات المؤلف؛ و"التواضع" ـ كما يقول جالو ـ ضروري، لأن الناقد المحترف لا ينبغي أن يأخذ عمله بنوع من الإكبار حتى يتصوّر له بأنه من "العلوم الدقيقة"، ولهذا ينبغي لـ"النقد" أن يدرك بأنه في لحظة ما يجد نفسه مكرها على الاعتراف بأن هناك في الأدب جانبا غير قابل للشرح، بل ربما غير قابل للفهم أو التفهم، فهناك دائما حدود لدقة المنهج العلمي مهما يكن.
قائمة المراجع
- ابراهيم، عبد الله؛ الثقافة العربية والمرجعيات والمستعارة؛ الدار العربية للعلوم ناشرون؛ الطبعة الأولى؛ 2010.
- الجابري، محمد عابد؛ تكوين العقل العربي؛ مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت؛ الطبعة العاشرة؛ 2009.
- الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر؛ البخلاء؛ تحقيق الشيخ محمد سويد ـ دار إحياء العلوم ـ الطبعة الأولى ـ 1988.
- دراج، فيصل؛ الجداثة المتقهقرة: طه حسين وأدونيس؛ "مواطن" المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية؛ 2005.
- سنى بك، عبد الغني، الخلافة وسلطة الأمة؛ دار النهر ـ الطبعة الثانية 1995.
- غابريال غارسيا ماركيز: رائد الواقعية السحرية؛ ترجمة: عبد الله حمادي؛ الألمعية؛ الطبعة الثانية؛ 2011.
- محمود، زكي نجيب، قشور ولباب؛ دار الشروق، الطبعة الثانية، 1988.
- Bakhtine, Mikhaïl; Problèmes de la poétique de Dostoïevski; L'AGE D'HOMME; 1998.
- Daoud, Mohamed; Le Roman Algérien de Langue Arabe; Crasc; 2002.
- Fossier, Arrnaud; Où en est la critique ? : entretiens avec Bernard Lahire et Bernard Stiegler; ENS Editions; 2007.
- Kolbert, Jack; Edmond Jaloux et sa critique littéraire; Librairie Droz, 1962.
- Wolf, Nelly; Une littérature sans histoire: essai sur le nouveau roma; Droz; 1995..
- Zola, Emile; Le roman expérimental; G. Charpentier-Editeur; 5eme édition; 1881.
- ينظر: الأعرج، واسيني، حوار أجراه مع حازم خالد، وكالة الصحافة العربية (APA News)، نشر يوم: 12 جانفي 2013.
- ينظر: محمود، زكي نجيب، قشور ولباب؛ دار الشروق، الطبعة الثانية، 1988؛ ص 46 وما بعدها.
- ينظر: حوار مندوزا ـ ماركيز؛ غابريال غارسيا ماركيز: رائد الواقعية السحرية؛ ترجمة: عبد الله حمادي؛ الألمعية؛ الطبعة الثانية؛ 2011؛ ص 140.
- نفسه، ص 140.
- ينظر حوار حازم خالد، سبق ذكره، شوهد يوم:
- ابراهيم، عبد الله؛ الثقافة العربية والمرجعيات والمستعارة؛ الدار العربية للعلوم ناشرون؛ الطبعة الأولى؛ 2010؛ ص 09.
- ابراهيم، عبد الله؛ سبق ذكره؛ ص 09.
- دراج، فيصل؛ الجداثة المتقهقرة: طه حسين وأدونيس؛ "مواطن" المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية؛ 2005؛ ص 05.
- ينظر: الجابري، محمد عابد؛ تكوين العقل العربي؛ مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت؛ الطبعة العاشرة؛ 2009؛ ص 38 و39.
- ينظر: ابراهيم، عبد الله؛ سبق ذكره؛ ص 16.
- ابراهيم، عبد الله؛ سبق ذكره؛ ص 16.
- نفسه، ص 17.
- ابراهيم، عبد الله؛ سبق ذكره؛ ص 17.
- ينظر: محمود، زكي نجيب؛ ، نفسه، ص 52.
- ينظر وقائع "قضية"علي عبد الرازق مفصلة في مقدمة نصر حامد أبو زيد لكتاب "الخلافة وسلطة الأمة"، ترجمة عبد الغني سنى بك ـ دار النهر للنشر والتوزيع ـ الطبعة الثانية 1995.
- الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر؛ البخلاء؛ تحقيق الشيخ محمد سويد ـ دار إحياء العلوم ـ الطبعة الأولى ـ 1988؛ ص 159 و160
- ظاهر أن فهم المحقق قصر عن غاية ابن جاني رغم وضوحها، لأن توجهه الصارم حجب عنه المعنى المقصود، فالنص يقول صراحة إن "القوم" هم الذين يعتقدون أن المسلمين لا يفلحون في الطب، ومادام ابن جاني مسلما فإنهم لا يثقون به ويرغبون عن عيادته، ولذلك أكسد في سنة وبئة، وكان ينبغي للمحقّق أن يتسمّع إلى نبرة السّخرية في كلام ابن جاني، فيرى حالة اجتماعية بغيضة يرفضها الطبيب المسلم ويأسى لها، بأعظم من الأسى الذي حرّك الحميّة في قلب صاحب الرّدّ الذي أرهق "التاريخ" باستدعائه إلى تكذيب ابن جاني، ثم نقل الحديث إلى موضوع لا يمتّ إلى السّياق بصلة، رغما عن أسلوب القصة الذي لا يترك أي "فراغ" ليتسلل منه سوء الفهم.ا.ه؛ الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر؛ نفسه؛ ص
- Cf: Fossier, Arrnaud; Où en est la critique ? : entretiens avec Bernard Lahire et Bernard Stiegler; ENS Editions; 2007; PP 15-16.
- Cf: Fossier, Arrnaud; Op.Cit; P 16.
· - قلنا: نتجرأ هنا على وصف اصطلاح "اللغة المتعالية" بـ"العجيب" لأن دلالاته ليست دقيقة، فهو يمكن أن يدلّ على (لغة الغرور)، بقدر ما يدل على (المعاني العميقة التي لا يدركها المتلقي)، وإذا قدّرنا أن المعنى يمكن أن يؤدَّى في حال (الغرور) بنسبة ما، فإننا لا يمكن أن نستوعب كيف تكون "اللغة متعالية" حين تأتي بمفاهيم متعارف عليها، إذ لا يبقى أمامنا سوى اتخاذ عدم اطلاع المتلقي معيارا في اختيار المصطلحات، وهذا غير معقول بطبيعة الحال.
- Cf: Daoud, Mohamed; Le Roman Algérien de Langue Arabe; Crasc; 2002; P 14.
- Cf: Ibid; P 12.
- Zola, Emile; Le roman expérimental; G. Charpentier-Editeur; 5eme édition; 1881; P 01.
- Cf: Ibid; P 07.
- Zola, Emile; Op.Cit; P 07 et 08.
- Cf: Ibid; P 12.
- Cf: Wolf, Nelly; Une littérature sans histoire: essai sur le nouveau roma; Droz; 1995; P 160.
- Wolf, Nelly; Op.Cit; P36.
- Cf: Ibid; P 36 et 37.
- Bakhtine, Mikhaïl; Problèmes de la poétique de Dostoïevski; L'AGE D'HOMME; 1998; P 166.
- Ibid; P 314.
- Cf: Kolbert, Jack; Edmond Jaloux et sa critique littéraire; Librairie Droz, 1962; P 48.